التشكيل وقصب السبق!!
تقريباً، أو على ما بدا؛ فإنّ انفعالات المُبدعين السوريين تجاه المحنة السورية المُتمثلة في الزلزال، كانت مُتقاربة ومتشابهة إلى حدٍّ بعيد.. ذلك الزلزال الذي لم يتوقف تأثيره على المحافظات المنكوبة فقط، وإنما كان ثمة زلازل أحدثت تأثيرها شروخاً في نفوس السوريين، كلّ السوريين بمن فيهم السوريون البعيدون عن سورية آلاف الكيلومترات..
أقول رغم تقارب تلك الانفعالات التي أحدثها الزلزال من خوف، ومشاعر الأسف على الضحايا والخسائر الكبيرة، غير أن ثمة مفارقات كانت واضحة بين هؤلاء على مستويين على الأقل..
المستوى الأول: كيفية تقديم العون، والمساعدة، والمستوى الثاني، مقاربة ما حدث إبداعيّاً.. فعلى المستوى الأول، وفي حين وقف معظم الشعراء، والروائيين، والقاصين شبه “لا حول ولا قوة”.. – أي الذين نتاجهم الإبداعي محصور في كتاب- وفي مجتمعات لا تُعير كثيراً أمر القراءة ما يستحقه، اندفع الميسورون من نجوم الدراما للتبرع بأموالهم في سبيل التخفيف من هول الكارثة، فيما وجد الكثير من الفنانين التشكيليين فرصة لطرح نتاجهم التشكيلي من منحوتات ولوحات، وغيره من أعمال الفنون الجميلة في مزادات يذهب ريعها لصالح المنكوبين من ضحايا الزلزال، وقد وجدوا الكثير من أصحاب المال الذين اشتروا تلك الأعمال الفنية.. أمام حسرة الكتّاب والأدباء، الذين هم بالأساس من أصحاب المداخيل “المعترة”، وقد بدوا تماماً؛ كمن أسقط الأمرُ من يده..
وعلى مستوى مقاربة الحدث، فقد أتاحت “الدنمية” التي يتمتع بها الفنان التشكيلي، من حيث الحركة والسرعة في دخول مرسمه، أو محترفه، ومن ثمّ لقرءاة ما جرى تشكيلياً، ربما لم ينافسه في هذه الرشاقة والخفة في مقاربة الحدث غيرُ الشعراء، الذين نافسوا حتى الخبر العاجل في قراءة ما جرى إبداعياً، والفرق بين الشاعر والفنان التشكيلي، كان توافر (الحظ) للثاني، أي الفنان التشكيلي لتسويق إبداعه، واستثماره في مساعدة الضحايا، فيما وقف الشاعر على حزنٍ مُركّب أو مُضاعف، وهو يعلم تماماً، إنه حتى المنابر التي يُمكن لها أن تنشر قصيدته، فهي تنشرها له بالمجان..
أما كتّاب الرواية والقصة القصيرة، والمبدعون من أصحاب الأعمال السينمائية والمسرحية والدراما التفلزيونية.. فهؤلاء جميعاً، يحتاجون إلى الوقت الطويل لإيجاد المُعادل الإبداعي لهول كل ما جرى، وذلك نظراً للحالة السردية التراكمية التي تكون الدافع لإنتاج مثل هذه الأنواع الإبداعية!!
هامش:
الصباحُ الهاربُ
من ليلِ الزلزال؛
كان قصيدةً مهداةً لعينيكِ..
عمرّتُ بيوتها
تفعيلةً تفعيلة..
قبلَ أن تتصدعَ البلاغةُ،
وتصيرُ القوافي رُكاماً..