البحث عن بدائل تعويضية على مائدة المواطن بات ملحّاً.. نقص البروتين الحيواني مشكلة وخبير يقترح وصفة استدراك شاملة

تشرين – غيداء حسن:
بين حاجة الجسم لها وتأكيدات الجهات المعنية بتوافر مادتي البيض والأسماك يقف المواطن متفرجاً وعاجزاً عن شرائها، إذ يحول بينه وبينها ارتفاع أسعارها ودخله الهزيل لتبقى بعيدة عن موائد الأكثرية وإن حضرت لدى البعض فبكميات تكاد لا تذكر .
يؤثر في الصحة العامة
في وجهة نظر طبية..ترى  اختصاصية التغذية الدكتورة ندى التاجر في ردّها على أسئلة “تشرين” حول حاجة الجسم من البروتينات وسلبيات ومخاطر نقصها على الصحة، أن البيض والأسماك واللحوم والدجاج ومشتقات الحليب من البروتينات المهمة جداً لجسم الإنسان، إذ يبلغ متوسط احتياج  الجسم من البروتين يومياً لغير الرياضيين وكبار السن حسب الفئات،  للذكور( 55-91)غراماً  وللإناث (46-75)غراماً، ومتوسط احتياج المرأة الحامل والمرضع 71 غراماً يومياً، والرضّع 10 غرامات من البروتين تقريباً في اليوم، أما الأطفال في عمر المدرسة فبين (20-34 ) غراماً من البروتين، والفتيات في عمر المراهقة 46  غراماً .

خبيرة تغذية: عدم تناول البروتين بشكل كاف يؤثر في الصحة العامة وثمة بدائل للبروتين الحيواني

وتشير إلى أن عدم تناول البروتين بشكل كاف يؤثر في الصحة العامة، حيث يؤدي إلى الإصابة بفقر الدم وبالتالي الشعور بالتعب والخمول والوهن وضعف وانخفاض كتلة العضلات وصعوبة فقدان الدهون الزائدة بسبب نقص الأيض والاستقلاب بالجسم، إضافة إلى تساقط الشعر وضعف الأظافر وشحوب بالبشرة، وانخفاض مناعة الجسم بسبب نقص الأحماض الأمينية وأيضاً زيادة الشهية، لأن البروتينات تساهم في الشعور بالشبع .
وعن بدائل البيض والأسماك واللحوم لغلاء أسعارها تقول: البدائل هي فول الصويا والحمّص والعدس والفاصولياء بأنواعها والبازلاء والفول، والفول السوداني وحليب الصويا والمكسرات بأنواعها والقمح الكامل والشوفان، ومن الخضراوات: الورقيات الخضراء السبانخ –الملوخية- الفاصولياء الخضراء والبامية وزبدة الفول السوداني والسمسم والفطر، مؤكدة أنه يراجعها العديد من المواطنين بسبب نقص البروتينات في غذائهم بأمراض تتجسّد بفقر الدم وضعف النمو، وضعف بالعضلات وتساقط الشعر وهشاشة بالعظام والأظافر، وتكون المعالجة عن طريق إعطاء نظام غذائي مناسب قدر المستطاع وحسب الوضع المادي للمريض ويمكن تعويضه بالمكملات الغذائية المناسبة.
الخيار الأفضل 
من جانبها تؤكد الدكتورة نغم وسوف- اختصاصية تغذية أيضاً أن حاجة الفرد من البروتين تختلف تبعاً للعمر والجنس والنشاط خلال اليوم، لكن عموماً تقدر حاجة الذكر البالغ بـ 60 غ بروتين يومياً والبيضة الواحدة تقدم 7 غ بروتين، كما أن 100 غ من السمك تقدم 12 غ بروتين، وتشكل البقوليات مصدراً جيداً للبروتين شرط أن يتم الجمع بين عدة أنواع مع بعضها، لكن يبقى البروتين الحيواني المصدر كاللحوم بأنواعها والبيض هو الخيار الأفضل. وفيما يتعلق بالسمك يوصى بتناوله مرة أسبوعياً للحصول على الدهون المفيدة الضرورية للجسم وليس فقط من أجل البروتين  .
مع هذه التأكيدات على حاجة الجسم للأسماك والبيض فإن المواطن يفضل  الحصول عليها  في ظل توافرها ولكن بأسعار تعجز عنها الأغلبية؟
أرقام مبشرة فماذا عن الاستهلاك؟
تؤكد الأرقام الصادرة عن مؤسسة الدواجن أنه لأول مرة منذ سنوات يصل إنتاج المؤسسة  إلى 416 ألف بيضة مائدة يومياً، كما تؤكد أرقام  الهيئة العامة للثروة السمكية أنه يتم إنتاج بين 2500 -3000   طن من الأسماك البحرية سنوياً.
أرقام مبشّرة بتوافر المادتين، ولكن ماذا عن استهلاكهما  و كيف سيجد المواطن إلى تذوقهما سبيلاً في ظل انعدام قدرته الشرائية وارتفاع سعرهما، هذا الارتفاع  الذي يعزوه المربون إلى ارتفاع تكاليف مستلزمات التربية بشكل كبير!  وما مقترحات ذوي الخبرة؟

خبير تنموي:  لو تدخلت  المؤسسة بالزراعة التعاقدية مع الفلاحين  لكانت أمّنت أكثر من نصف المحصول العلفي للدواجن واستطاعت تخفيض التكاليف

سوء إدارة
يدّعي الخبير التنموي  أكرم عفيف لـ”تشرين”، أنه و منذ سنوات وهم – كخبراء – يقترحون  الاعتماد على منتج محلي كبديل علفي سواء للدواجن أو الأبقار أو الأسماك، وكان يمكن الاعتماد على محصولين أساسيين، هما الصويا والذرة، وهذان المحصولان لا يؤثران في المحاصيل الزراعية الرئيسية لأنهما يزرعان بشكل تحميلي، أي ما بعد القمح، لكن في الواقع تم التعامل مع هذا الاقتراح باستخفاف، وحتى في هذا العام كان محصول الذرة المتأخر يحتاج إلى تجفيف، ومجففات مؤسسة اِلأعلاف لم تتم صيانتها ولم يشجعوا القطاع الخاص لعمل مجففات، وحدد سعرها  2300 ليرة وانخفض  إلى 2000 ثم 1800 وبعد ذلك بيعت رطبة  بـ800 ليرة وعندما انتهت  وصارت المستوردة  بـ6000 عادوت الارتفاع  إلى 2000- و2100 ليرة، وهذا التذبذب السعري ناتج عن سوء إدارة، متسائلاً:  إذا لم تستطع الجهات المعنية العمل، فلماذا لا تشجع القطاع الخاص على توفير المجففات ؟ ولِمَ لم تلجأ مؤسسة الأعلاف إلى الزراعة التعاقدية مع الفلاحين؟ إذ كيف سيحمّل الفلاح  الصويا ولا يمكنه معرفة سعرها إن كانت بألف أو خمسة آلاف أو سبعة، فلا يوجد أي مؤشر، ولو تدخلت  المؤسسة بالزراعة التعاقدية مع الفلاحين في منطقة الغاب وخارجها ما بعد القمح (الزراعة التحميلية ) لكانت أمّنت أكثر من نصف المحصول العلفي واستطاعت تخفيض  التكاليف .
عدم وجود تأمين على المخاطر
وبيّن عفيف أن مشكلة بيض المائدة هي بالتكاليف، إذ تصل تكلفة طبق البيض إلى عشرين ألف ليرة على المربي،  فكيف سيتدبر أموره؟ بالتأكيد سيغلق  منشأته، لافتاً إلى عدم وجود تأمين على المخاطر، فما الحكمة من التأمين  على السيارة وعدم التأمين على الأبقار والمداجن والمسامك؟ ولماذا لا يكون هناك نظام تأميني يحمي هذه المنتجات من المخاطر؟
البدائل العلفية لم يتم العمل عليها –حسب عفيف- وحتى تم منع العمل عليها، فإذا قدّم أحد ما بدائل يلاحقونه بأن هذه النبتة مرتفعة الثمن وتلك ممنوع دخولها إلى سورية، فهل نحن في الوضع الأفضل والأمثل  حتى نختار الحلول الأنسب؟
فروق حوامل الطاقة
يقول عفيف: أمام عيني بيع ليتر البنزين على حدود لبنان بـ5400 ليرة وبيع في الغاب بـ 15 ألف ليرة، ومن يشتريه هم أصحاب الأرض  أو المدجنة أو المسمكة  وهؤلاء يستخدمون دراجاتهم أو سياراتهم للعمل ويدفعون  15 ألف ليرة لليتر مقابل خمسة آلاف على الحدود، فأين ستذهب هذه الفروق، ألن تحمّل على العملية الإنتاجية؟
ويضيف: بدلاً من تأمين حوامل طاقة لهؤلاء تكون معقولة، وتشكل دفعاً للعملية الإنتاجية  دمّرناها،  واليوم وصل سعر ليتر المازوت في الغاب إلى  10 آلاف ليرة،  فكيف سيعمل  المربي،  ألن ينعكس ذلك على التكاليف وعلى العملية الإنتاجية، وتالياً على السعر بالنسبة للمواطن الذي أساساً  ليست لديه القدرة الشرائية؟ فعند ارتفاع  التكاليف على المنتج إذا  باع إنتاجه  بأكثر من تلك التكاليف لا يستطيع المستهلك شراءها وإذا باع بأقل منها فإنه يخسر وتنهار العملية الإنتاجية، موضحاً أن أكثر من 90 % من المداجن اليوم فارغة من الفروج والبيض ـ  وكما هو معروف فإن العملية تتعلق بالعرض والطلب، فإذا زاد الطلب زاد السعر، لكن هل يستطيع المواطن شراء طبق البيض بـ21 أو 22 ألف ليرة وكيلو الفروج بـ17 ألفاً والسمك بـ15 أو 16 ألفاً؟ علماً أن تكلفة كيلو السمك 3 كيلوغرامات من  العلف وبالتالي فإن تكاليفه أعلى من  قدرة المواطن على الشراء . وهذا ما يسمى سوء إدارة موارد وما يحصل لدينا هو سوء إدارة موارد  من دون محاسبة.
على أي مؤشرات يعملون؟
يقول عفيف : صانع القرار لا يشبه السوريين؟  فحين  يتعامل مع الشوندر كشوندر وسكر ولا يتعامل معه كعلف  فإنه بعيد عن الواقع، ومعروف أن نواتج “التصريم”، أي قص أوراق الشوندر، كان يجمعها المزارع وتستخدم كعلف للأغنام طوال الشتاء، ففيها السكريات والألياف والبروتين، وعندما توقف معمل السكر لجأ المربون إلى التبن كعليقة مالئة، وقد ارتفع سعره بسبب التكاليف، وإلى العلف الذي كانت مكوناته مستوردة  وأصبحت الغنمة الواحدة تكلف 2000 ليرة في اليوم، ومن لديه 500 رأس صار يحتاج إلى مليون ليرة في اليوم واضطر لبيع غنمه،  والشاة التي كانت تباع بمليون و200 ألف ليرة عندما كان سعر الدولار 300 أصبحت تباع بـ200 ألف والدولار بستة آلاف، فعلى أي مؤشرات  يعملون، ولماذا لا  يحاسبون؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار