التصويرُ الواقعيّ السوري المعاصر يكسب محازباً جديداً مع عمار الشوا
تشرين- سامر الشغري:
لاتزال مدرسة التصوير الواقعي في سورية تحظى بالمحازبين والمؤيدين، بمن فيهم أولئك التشكيليون الذين كانوا من أنصار مدارس أخرى تتباين كلياً مع الواقعية، ومن هؤلاء الفنان التشكيلي عمار الشوا الذي وصف الباحث علي الراعي في أحد الأيام تجربته بأنها محملة بالرموز التي غدت الغرض الرئيس في لوحاته.
عمار الشوا الذي ظلّ فترة طويلة مشغوفاً بالتعبيرية، انحاز في محطته الأحدث إلى الواقعية الكلاسيكية عندما خصص لوحات معرضه الأخير لسيارات قديمة تعاني الصدأ والإهمال، وهي مركونة في قلب الطبيعة.
وعن هذه «الردة الفنية» عن أسلوبه المعهود يؤكد عمار أنه ليس مع حالة التيار الذي على الفنان التمسك به، بل يرى أنه لابد من اختيار الأسلوب الذي يناسب كل مرحلة من مراحل عمل الفنان وأسلوبه الخاص على مستوى الأفكار و التكنيك، حتى يتميز ببصمة خاصة في ظل التشابه الذي من الممكن أن يدمر الفن، لذلك فهو يؤمن بضرورة تماهي الفنان مع التجدد بوصفه فلسفة الطبيعة.
وعندما سألته عما إذا كان انتقاله للواقعية دائماً أو مرحلياً؛ أجاب بطريقة تحمل الخيارين كليهما بأن الواقعية تجربة سوف يستمر بها إلى جانب شغفه بالتعبيرية وفضائها الذي يناسب الكثير مما يود إنجازه، لأن الفن يسمح لصاحبه بالإبحار في كل الاتجاهات، شرط أن يكون العمل مشغولاً بصدق وحب ومموءاً بالأسئلة.
وإزاء اعتقاد العديد من الفنانين والنقاد بتضاؤل حضور الرسم الواقعي في زمن الصورة الإلكترونية، يرى عمار أن هيمنة الصورة على حياتنا بتفاصيلها ودخولنا في عصرها لم يستطيعا أن يعوّضا عن غياب المشاعر في اللوحة التي تصنعها الآلة، أما الرسم الذي تصنعه يدُ الإنسان فهو مملوء بالروح، وفيه أنفاس نستطيع أن نتلمسها في كل جوانب اللوحة.
إيمان عمار بمكانة المدرسة الواقعية الثابتة أمام الرسم الإلكتروني يوجزه بهذه الكلمات (تستطيع أن تتنفس هواء العمل الواقعي، وربما تشعر بالبرودة وربما تتكلم معه، إنه جزء من روح الفنان كالنبع في أعالي الجبال الذي يتدفق بكل حيوية الطبيعة).
هذا المحازب الجديد في صفوف الواقعية السورية، عندما أخذ يختار من الطبيعة ما يرسمه ركز فقط على إحساسه العالي بالمشهد وتقاطعه مع آلية التفكير البصري الذي يمر فيه، ليصبح عندها أي مكان أو مشهد يثير انفعاله جديراً بتحويله إلى نصٍّ بصري يحمل موسيقا خاصة بزمان ومكان وانفعال الفنان.
ورغم أن الفنان الشوا يؤمن بأن الطبيعة واحدة في أرجاء العالم، وبأننا جزء منها والفن هو صلتنا الراقية معها، فإنه يرى أن لبيئتنا خصوصية غنية وفيها لون وطعم و موسيقا تناسب أرواحنا، فتسمح لنا ،نحن أبناءها، بأن نلونها ونشكلها كما نحبها أن تكون.