كل ما نحتاجه للتحول الرقمي متوافر ما عدا البنى التحتية والاهتمام بالبحث العلمي!!
تشرين – ابتسام المغربي:
المعلوماتية والرقميات عنوان عميق لا يكفي الاهتمام به والتأكيد على فاعليته…. إنه عنوان لابد من الولوج إلى عمقه والعمل على تطوير مستلزماته، والعمل على الحد من التكاليف المرتفعة بالصيانة والبرمجيات، والاستفادة من استخدامها في الإحصائيات الحيوية التي من المفروض أن تلعب دوراً رئيساً في وضع الخطط والتنمية..
رئيس “جمعية المعلوماتية”: نمتلك من الخبرات المحلية في مجال تطوير البرمجيات ما هو كافٍ لبدء عمليات التحول الرقمي
ينقصنا الكثير ولكن لابد من مواكبة الحداثة فلايجوز التعامل مع هذا العنوان كتعهدات ومناقصات، وألا نكون سوقاً مستهلكة للتجهيزات المتأخرة.
حول إمكانية إيقاف استغلال البرامج في المؤسسات والوزارات وتوفير أكلافها العالية التي تصرف بلا أداء عملي ينعكس على المؤسسات والوزارات أجاب المهندس محمد حسان النجار رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية مؤكداً أن عملية أتمتة الأعمال في المؤسسات يجب أن تكون عملية متكاملة ومدروسة بشكل جيد وموزعة على مراحل بحيث تتم دراسة الوضع الراهن في المؤسسات والوزارات وتقييمه وتحديد آليات تبسيط الإجراءات وتوصيفها بشكل دقيق أولاً، ثم الانتقال لمرحلة الأتمتة المتكاملة وفق خطة زمنية تنطلق من واقع العمل في المؤسسة أو الوزارة وتبنى على تحليل المتطلبات الوظيفية وغير الوظيفية وتحديد الفجوات والنتائج المتوقعة من استخدام البرنامج وتكاملها مع المنظومة الموجودة والخبرات المتوافرة وتحديد مستلزمات البنية التحتية وترتيب الأولويات، وتدريب الكوادر على آليات العمل الجديدة وعندها تصبح الأتمتة واستخدام البرامج فعَالة وتعطي النتائج المرجوة منها.
البرمجيات والصيانة تكلفتها أكثر من التجهيزات
إمكانية التصنيع
أما حول إمكانية تصنيع برمجيات في سورية فاجاب النجار: نحن نمتلك من الخبرات المحلية في مجال تطوير البرمجيات ما هو كافٍ لبدء عمليات التحول الرقمي والأتمتة بخبراتنا المحلية وكما نعلم فإن مهندسينا يعملون على تطوير البرمجيات وبجودة عالية وفي شركات، منها ما هو يعمل على المشاريع للقطاع الخاص والعام ومنها ما هو للتطوير لمنظومات برمجية للخارج وبجودة عالية..
أما حول دور كليات المعلوماتية في تطوير المعلوماتية في سورية، فأكد أن كليات الهندسة المعلوماتية والكليات التقنية هي مكان التأهيل الأساسي للمهندسين العاملين في مجال تكنولوجيا المعلومات وتطبيقاتها المختلفة وهي تخرج الكوادر التي تمتلك الخبرات النظرية في هذه المجالات، وخريجوها يشكلون الشريحة الأوسع العاملة في مجال المعلوماتية التخصصية بالإضافة إلى الهواة من غير المتخصصين في مجال المعلوماتية والذين بنوا خبراتهم بالتعلم والتدرب الذاتي الذين يعملون أيضاً في هذا المجال، وتلعب الكوادر الموجودة في هذه الكليات دوراً هاماً في تقديم الاستشارات النوعية للقطاع العام والخاص.
تغيير القوانين والآليات
وعن سؤالنا حول الانتقال الرقمي وأسس التوظيف والكوادر التي نحتاجها؟
أكد المهندس حسان أن التحول الرقمي وتطبيق أنظمة الأتمتة وكل ما يرتبط مع هذا المجال يحتاج إلى الكثير من التشريعات والقوانين الناظمة لهذه الآلية ويجب إيلاء اهتمام كبير لموضوع حماية الملكية الفكرية وغيرها ذات الصلة بالمجال الرقمي، وهناك جهود في هذا المجال ولاسيما قانون الجريمة المعلوماتية ومتعلقاتها، وأيضاً موضوع التوقيع الرقمي وكل ما يندرج ضمن أمن المعلومات وموثوقيتها. ويجب أن يكون هناك فرق متخصصة في وضع القوانين والتشريعات الناظمة للتحول الرقمي تتكون من المعلوماتيين والحقوقيين لتتم صياغة تشريعات عصرية تتوافق مع التحول الرقمي ولابد من الاستفادة من التجارب الشبيهة وتطويعها وفق المتطلبات الوطنية.
البحث العلمي
ورداً على سؤال: هل أجرت الجمعية بحوثاً مميزة على صعيد تطبيق الرقميات؟
أوضح أن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية هي جمعية أهلية تنشط في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ومن أهدافها نشر ثقافة المعلوماتية ودعم كل ما يتعلق بذلك، وهي ترعى الباحثين في مجال المعلوماتية وتقدم لهم كل الدعم، كما تدعم المهندسين من خلال برامجها ومشاريعها المختلفة ولاسيما في مجال التدريب والتأهيل لتكون رديفاً للجامعات والمؤسسات التي تُعنى بمجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وهي لا تمتلك مخابر بحثية وإنما تسهم في تهيئة البيئة المناسبة للباحثين لاستثمار الإمكانات المتاحة والموارد المتوافرة في الجمعية وبفروعها المختلفة، كما تسهم برعاية المؤتمرات العلمية المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتأمين الدعم اللوجستي لها كما هي الحال مع معظم المؤتمرات التي تمت في جامعة دمشق هذا العام، كما تقوم الجمعية بدعم مشاريع التخرج بالجامعات ذات الصلة بتكنولوجيا المعلومات وتزويدها بالتجهيزات اللازمة لدعم الطلاب في ظل الظروف الاقتصادية الحالية ومن ثم تؤمن عملية احتضان المشاريع في حاضنات تكنولوجيا المعلومات التي تشرف عليها الجمعية ضمن مشروع العمل الريادي وهي بذلك تسهم بولادة شركات ناشئة في هذا المجال وكله يصب في بوتقة واحدة وهي الإسهام الفعال في تطوير قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في سورية.
هل الجمعية تتعامل كتاجر
كان الرد أن الجمعية لها دور في المشاريع الإبداعية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتؤمن البيئة الخصبة لتمازج الأفكار من خلال المنتديات وورشات العمل التي تقيمها والتي ترعاها والتي يجتمع فيها أعضاء الجمعية من القطاعات المختلفة وبالتالي تطرح المشاكل التي تتطلب حلولاً برمجية وتتم مناقشة المقترحات وأمثلتها ومن ثم تؤمن الجمعية الدعم اللوجستي من خلال شركة مزود خدمة الإنترنت ومركز المعطيات الذي وضع بالخدمة، فهي بذلك تكون مرتكزاً لدعم الحلول البرمجية وتأمين متطلبات توفرها وضمان استمراريتها، كما أنها تسهم وبشكل فعًال بتأهيل الكوادر العاملة في مجال الرقميات بدورات نوعية وتخصصية.
نحتاج إلى تعميق البحث العلمي في الرقميات وربطه باحتياجات المجتمع
وفي ظل الظروف الراهنة والقيود المفروضة على سورية فإن استيراد كل ما يتعلق بالرقميات أصبح صعباً للغاية وخاصةً أن هذه التكنولوجيا تحتاج إلى تسديد ثمنها بالقطع الأجنبي وهنا تبرز أهمية دعم المنتج المحلي في مجال التطوير البرمجي ودعم الشركات العاملة في هذا المجال ورعايتها وتنظيم هذا القطاع لضمان الحقوق وتحقيق الجودة وهي ما عملت عليه الجمعية خلال الأشهر الماضية في مجال تنظيم قطاع الشركات البرمجية من خلال منتدى شركات تقانة المعلومات ومشروع الاعتمادية السورية بالتعاون مع وزارة الاتصالات والتقانة.
غياب الاستفادة من الإحصائيات الحيوية
أما الجانب المغيب في الاستفادة من الرقميات وغياب أثر الإحصائيات الحيوية في وضع الخطط وفي تطوير القوانين فأكد النجار أن أهم نتائج يمكن تحقيقها للتحول الرقمي، هو بناء منظومات دعم القرار والاستفادة من علوم تحليل البيانات والتنقيب عن المعطيات لتزويد صاحب القرار بمعلومة صحيحة مبنية على معلومات حقيقية ويمكن هنا استثمار كل ما يتعلق بعلوم المعلوماتية المتقدمة مثل الذكاء الصنعي وغيرها في ذلك. وقد خطت الجمعية خطوة هامة ولاسيما في وضع مركز المعطيات بالخدمة ليؤدي هذه الوظيفة ولتكون البيانات الوطنية محفوظة وقابلة للاستثمار ضمن مستودعات رقمية وطنية، وتطور العلوم التي تنعكس إيجاباً على التنمية المستدامة في الوطن يتطلب بحثاً علمياً فعَالاً ينطلق من الاحتياجات الوطنية ويعمل على حل المشاكل التي تواجه القطاعات المختلفة ولاسيما في مجال المعلوماتية والعلوم المتعلقة بها، وهذا منوط بالجامعات والهيئات البحثية ومراكز الأبحاث. ويمكن تقسيم الأبحاث العلمية التي تتم في مجال الرقميات بسورية إلى قسمين منها ما يقوم به طلاب الدراسات العليا من خلال أبحاثهم للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه ومنها ما يقوم بها الباحثون من الأساتذة الجامعيين وفي الحالتين هناك مستلزمات تقنية وأدوات برمجية داعمة تتطلب توفير مخابر بحثية وتمويلاً كافياً لترقى هذه الأبحاث لمستوى التي تشرف عليها الأبحاث العالمية وهو متوافر جزئياً، وهناك جهود مبذولة من قبل وزارة التعليم ألعالي والبحث العلمي من خلال صندوق دعم البحث العلمي والتطوير التقاني ومن الهيئة العليا للبحث العلمي لتمويل الأبحاث ضمن الإمكانيات المتاحة ولكن النهوض بالبحث العلمي يتطلب تضافر جهود الجميع من مؤسسات ووزارات وجمعيات وهيئات داعمة وعقد المؤتمرات وورشات العمل التخصصية والاطلاع على تجارب الدول المتقدمة، و في هذا المجال نحتاج إلى تسريع المواكبة لعالم الرقميات، ولا يمكن إنكار دور الجمعية الفاعل في التحول الرقمي ولكن هذا التحول يحتاج إلى بنية تحتية وتأسيس كوادر وايلاء البحث العلمي الدور الكبير في هذا المجال، ورغم الاهتمام فإن الأثر الإيجابي مازال خجولاً ولا يعكس حجم الاهتمام والصرفيات والتعامل حقيقة مع الإحصائيات الحيوية، ويؤكد هذا الواقع احتياج تضافر جهود الجامعات والمركز البحوث العلمية وهيئة البحث العلمي والمؤسسات لتأكيد توفير استخدام رقمي يلبي احتياجاتنا فعلياً ويؤمن سهولة الحصول على المعلومة ودخول مجال البرمجيات بشكل واسع.