“الرجل جنّى والمرأة بنّى” فهل مقولة ضلع قاصر صالحة حتى الآن؟
تشرين- نور حمادة:
يحتاج الرجل في ظل ظروف الحياة الصعبة التي نعيشها إلى المرأة، التي تشاركه همومه وطموحاته، وتكون له نِعم السند وقت الشدائد والملمات، ولِمَ لا وهي التي تدفعه نحو الإبداع والابتكار، والوصول إلى القمة والإصرار نحو العمل المثمر الجاد، حيث لعبت دوراً محورياً في نهضة المجتمعات القديمة والحديثة، وأثبتت قدرتها على التغير الإيجابي بها، فحضورها اللافت في مختلف جوانب الحياة والوقوف بجانب الرجل ومساندته دليل على كونها عنصراً أساسياً في إحداث عملية التغيير في المجتمع.
المرأة المثاليّة
يرى اختصاصيون في علم النفس، أن بعض الرجال يجدون الزواج من امرأة ذات شخصية قوية نوعاً من التحدي لرجولتهم وسيطرتهم على المنزل، بينما البعض الآخر يجد فيها عاملاً مساعداً لهم، في التقدم إلى الأمام عملياً وفي الحياة الاجتماعية، فهي مكملة لهم وليست تحدياً وهو ما حصل مع (ع- س) الذي وصف زوجته بالمثالية، التي منحته الأمل، وجعلت منه إنساناً مثقفاً يفتخر به أولاده وكل من حوله.
مقعد: مدين لزوجتي لأنها عملة نادرة في هذا الزمن
ويتابع: عندما كنت طالباً في كلية الحقوق انقطعت عن الدراسة لظرف عائلي، وهو وفاة والدي واضطررت للعمل في إحدى الشركات (مستخدم)، مع العلم أني كنت أسعى لإنهاء دراستي والحصول على عمل مرموق، وبقيت على هذه الحال عدة سنوات، إلى أن التقيت بزوجتي التي كانت تعمل في الشركة نفسها، وعلمت بوضعي فكانت تدعمني وتساعدني، وتحثني على الاجتهاد حتى أحقق حلمي، وفعلاً بتشجيعها وطريقة تفكيرها وإصرارها، والطاقة الإيجابية التي منحتني إيّاها جعلتني مثلاً أعلى، وقدوة لكثير من الناس، ولم تفكر يوماً بمعايرتي بأنني كنت أقل مستوى منها ثقافياً واجتماعياً، بل كانت ومازالت محوراً مهماً في حياتي.
وفاء المرأة
يعد صبر المرأة على مرض زوجها، وفقره بعد الصحة والغنى من أعظم مواقف التضحية والعطاء، فتقف بجواره وتلازمه في محنته، وتشدّ من أزره وتؤانسه، وتملأ قلبه أملاً وتشعره بالأمان والاستقرار العقلي، وأن حياته معها تجربة مثمرة وجد فيها الحب الكبير، ويعتمد عليها بكل شيء وتكون مرجعه في كل الأمور، وعندما سألنا (ب- ل) عن دور المرأة في حياته، ابتسم قائلاً: هي كل حياتي، فبعد أن تعرّضت لحادث أليم جعل مني إنساناً مقعداً غير قادر على الحركة منذ عشر سنوات، تولّت زوجتي مهام إدارة الأسرة بأكملها، وتعمل داخل وخارج المنزل لتعيلني وتعيل بناتنا الثلاث. مضيفاً: أنا مدين لزوجتي كثيراً لأنها عملة نادرة في هذا الزمن، فهي تقوم على رعايتي والاهتمام بي، والتخفيف عني وتلبية طلبات البنات وحل مشكلاتهم، والابتسامة دائماً مرسومة على شفتيها، بالرغم من كل الضغوط لا أجدها يوماً تتذمر أو تشكو من حالها، وبنظرها أن الحياة يجب أن تستمر بكل مصاعبها.
وراء كل رجل عظيم امرأة
يستخدم الكثيرون عبارة (وراء كل رجل عظيم امرأة )عندما يرغبون في الإشادة بدور رجل استطاع أن يثبت نجاحه في مجال من المجالات، وبرأي الاختصاصي الاجتماعي رياض الشريف، أن المرأة كما هو متعارف عليه في مجتمعنا مخلوق ضعيف تستمد قوتها من الرجل، سواء كان والدها أو أخاها أو زوجها ولا تحظى بكل تلك القوة التي يتمتع بها الرجل، ولكنها فعليّاً قادرة على التأثير بالأخير، وتلعب دوراً مهماً في ضبط إيقاع حياته والتقدم والارتقاء به نحو القمة إذا ما أرادت، وتستطيع أن تثبت للعالم ولنفسها أنها قوية، وواثقة الخطا لمواجهة الصعوبات والعقبات التي تواجهها، وتكافح من أجل الوصول إلى هدف معين في الحياة، وتثابر لتحقيق أحلامها وطموحاتها، غير مبالية بنظرات واتهامات ومحاولات المجتمع الفاشلة في تدميرها، ومساندة المرأة للرجل أمر طبيعي في نجاحه لأن النفس البشرية تبدع بالتشجيع وتقدم أفضل ما عندها بهذا النوع من المؤازرة الذي يحقق الطموح ويقود ربما ذلك إلى العظمة.
دراسة
أظهرت دراسة أمريكية أن نسبة الوفيات بين المتزوجين من الرجال أقل بكثير منها بين العزّاب، وأن الرجال العازبين أو الذين يفضلون البقاء من دون زواج يموتون في سن مبكرة، كما أشارت الدراسة إلى أن نسبة الوفيات ارتفعت أيضاً لدى الأزواج الذين فقدوا زوجاتهم، أي إن للمرأة دورها الفعّال في إطالة عمر الرجل.
نظرة علم النفس لدور المرأة
ترى الاختصاصية النفسية ندى سويدي أن المرأة العظيمة هي الشريان المؤثر في حياة الرجل، وأن نجاحه من سعيها الدؤوب وراءه، وسفينة العمر حتماً تشمل الرجل والمرأة اللذين يكملان بعضهما ضمن أسرة هي أساس المجتمع، لترسو السفينة بالأبناء على شاطىء مترع بالحياة والأمان والمستقبل الواعد.
اختصاصية نفسية: المرأة العظيمة هي الشريان المؤثر في حياة الرجل
موضحةً: إن مسؤولية المرأة كبيرة وخاصة في وقتنا الراهن، فكم من امرأة ناجحة في عملها، وناجحة في إدارة شؤون منزلها، لديها قوة خفيّة لتحمّل المسؤوليات ولتكون السند الأساسي لزوجها، ولولا ثقته الكبيرة بقدرتها وتأثيرها في حياته لما استطاع أن يكون ناجحاً في عمله ومتفرغاً له.
وتؤكد سويدي قوة صبر المرأة الناجحة وتقول: إذا لم تكن المرأة صبوراً ومقتنعة في حياتها لن تتخطى الصعاب ولن تصل إلى النجاح، وكما قال أندرو كارنجي:( الإنسان الذي يمكنه إتقان الصبر يمكنه إتقان أي شيء آخر)، إذاً للمرأة الدور الأكبر في بناء المجتمع وهي القوة الدافعة للأجيال إلى الأمام.
والمرأة التي أثبتت نجاحها في حياتها حتماً، سيصغي لها الرجل ويحترم رأيها ويحاورها ويفتخر بها كإنسانة مثقفة، فلتثبت كل إمراة وجودها بما تحققه من نجاحات يعود عليها وعلى مجتمعها وأسرتها بالخير.