فصل «الزمهرير» وضيق الحال وقلّة التبرعات تجعل «البطانية» فاكهة الشتاء
تشرين – علام العبد:
البرد القارس والغلاء الذي يجتاح المواد الغذائية وسوق سوداء المحروقات، هذا ما يعانيه اليوم أهالي مدن وقرى وبلدات القلمون الغربي في محافظة ريف دمشق، فكلما حلّ فصل الزمهرير (الشتاء)- كما يحلو لبعض أهل القلمون تسميته- ينعدم الدفء بسبب قلة المحروقات.
“تشرين” سجلت بالكلمة ما تعانيه مدن القلمون كدير عطية والنبك ويبرود والحميرة وقارة وغيرهما وعاشت هموم الناس هناك ووقفت على مواطنين يطالبون بتوفير المزيد من مواد التدفئة.
عائلات كثيرة لا تمتلك المقدرة على تغطية مصاريف التدفئة
أكثر ما ينعكس سلباً على أهالي القلمون في فصل الشتاء هو أن البرد يشاركهم تفاصيل حياتهم هناك في ظل النقص الحاصل في “المحروقات” سواء أكانت مازوتاً أو بنزيناً أو غازاً ، لهذا كانت السوق السوداء حاضرة وبقوة، ومن يتابع الصفحة الرسمية لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في محافظة ريف دمشق يلاحظ حجم التجاوزات والممارسات الخاطئة التي تعمل المديرية على ضبطها وقمعها في عالم ” المحروقات” وأضف إلى ذلك فقد بدأت بعض المجموعات تظهر على ” الواتس آب” طريقة بيع المحروقات، فقد بيع لتر المازوت بــ 9800 ليرة وفي بعض الأحيان وصل سعره إلى 10 آلاف ليرة في حين سجل مبيع أسطوانة الغاز 200 ألف ليرة،بينما بيع لتر البنزين بــ 9500 ليرة، وبالطبع التواصل والتوصية على الخاص.
في معظم مدن القلمون وبين الحارات والأحياء ينتشر باعة المحروقات وهم يبيعونها بأسعار السوق السوداء وأغلبهم من المراهقين.
“تشرين” التقت أحدهم واسمه (خالد) 20 عاماً قال: (أنا وإخوتي الثلاثة نعمل في بيع المازوت والبنزين ورفض الإفصاح عمن يبيعه المحروقات.. وقال إنّ ربحنا قليل قياساً بالجهود الكبيرة التي نبذلها، يوجد آخرون غير خالد بأعمار مختلفة يبيعون المازوت والبنزين بأسعارهم النارية التي لا يجد من لديه عمل سريع أو حادث ملحّ غير هذه الطريقة للحصول على البنزين والمازوت..
ويرى محمود حسن مدير مكتب الخدمات في مجلس مدينة دير عطية ،”أن تكاليف التدفئة في مدن القلمون تتجاوز الدخل الذي يجنيه معظم أبناء المنطقة، لذلك يكتفي البعض بشراء الطعام والشراب فقط وما تيسر لهم من الحطب “.
وأضاف”: إن الكمية المخصصة من مازوت التدفئة للمنازل لا تكفي أسرة تعيش في القلمون أسبوعاً، لذلك يلجأ البعض الميسورين لشراء المازوت من السوق السوداء إذا صحّ التعبير، كثيرون من أهالي القلمون سواء في دير عطية أو النبك ليست لديهم المقدرة على تغطية مصاريف التدفئة وشراء المازوت الحر، لذا الجميع وأنا منهم ننتظر عودة التيار الكهربائي الشحيح بفارغ الصبر كي نشغل المدفأة الكهربائية، وفي كثير من الأحيان نضطر لاستخدام الأغطية من أجل أن ننعم بعض الدفء”. وتابع؛ ” في الشتاء من كل عام تقوم الجمعيات وبعض المبادرات الخيرية بتوزيع كمية من الحطب على الأهالي، لكنها لا تكفي أسبوعاً واحداً.
266 حافلة عامة تحصل على مخصصاتها من المحروقات
فيما يشير عضو المكتب التنفيذي لمجلس مدينة النبك راسم طالب ، إلى أن في منطقة النبك هناك ما يقارب من 266 حافلة عامة (سرفيس) تعمل على الخطوط الداخلية والخارجية، وجميع هذه الحافلات تحصل على مخصصاتها من المحروقات وفق الأصول القانونية وهي متابعة من قيادة شرطة منطقة النبك وكل مخالف يستوجب المساءلة القانونية والعقوبة.
وقال: الإجراءات التي تمت واتخذت فيما يتعلق بقطاع النقل في القلمون تركت أثراً إيجابياً لدى المواطنين الذين يتلمسون اليوم المعاناة الكبيرة التي يتكبدونها من جراء نقص المحروقات.
بدوره رأى الاقتصادي سليم مرعي مليسان، أن فصل الشتاء يأتي كابوساً على الأهالي في القلمون وخاصة الفقراء الذين يعتمدون على تبرعات السلال الغذائية في معيشتهم، لكون معظمهم عاطلاً عن العمل.
وأشار إلى أنه في كل شتاء تسبب موجة البرد الشديد وسوء استخدام المدفأة الكثير من الحوادث في القلمون، كما أن بعض الأهالي يضطر للطهو بوساطة حرق ما تيسر له من مواد بالية، ما يسبب أمراضاً، لكن يبقى مَنْ في منزله أفضل حالاً ممن يقطن في العراء.
وشدد على أن المبادرات التي يطلقها الناشطون أو الجمعيات الخيرية للتخفيف من معاناة المواطنين في فصل الشتاء، من خلال توزيع كميات من الحطب و المازوت أو الملابس المستعملة، تظل عاجزة عن مواجهة الأزمة الكبيرة.