جماليةُ الصورة البصريّة تنقله إلى الدراما العربية المخرج إياد نحاس من «شامبليون» إلى «كانون»
تشرين-ميسون شباني:
صورة بصرية لافتة قدمها في أعماله الدرامية السورية قادته بخطوات وئيدة نحو الدراما العربية المشتركة مستفيدين من عناصر التميّز في رؤيته وأسلوب معالجته الفنية إضافة إلى خبرته.. هكذا بات يُنظر إلى مخرجينا من قبل صناع الدراما العربية والذين نجحوا بمهارة في استقطاب العديد من الأسماء المهمة لصنع دراما عربية مشتركة بات لها حضور ممهور بإخراج فني سوري عالي المستوى.
تحفة شامية
ولعل تجربة المخرج إياد نحاس في آخر أعماله «سلاسل دهب» لفتت الأنظار إليه من جهة الاشتغال البصري للعمل وحركة الكاميرا، إضافة إلى جمالية الديكور وتناغم الإكسسوار والملابس مع الحقبة الزمنية المفترضة التي يخاطبها العمل، ولاننسى أن الحبكة الدرامية التي أحسن التقاط خيوطها بمساعدة ممثلين لهم تاريخهم شكّلوا روافع للعمل البيئي الشامي، إذ استطاع (مهيوب – بسام كوسا) بحيله وذكائه إيقاع النساء في شباكه من خلال التقرّب منهن بدراسة العمق النفسي لحاجة كل واحدة منهن، فيتزوجهن ليجد طريقة لسلب أملاكهن بأساليب شائقة وصادمة ومن ثم يطلّقهن ،لتتصدى له بدهائها (دهب-كاريس بشار) التي لعبت دورها بإتقان وحصدت إعجاب المشاهدين بأنوثتها ودلعها وغنجها ومشيتها، هذا التطور الكبير في تناول أسلوب الحكاية وصياغتها فنياً قاده إلى صنع عمل أقرب إلى التحفة الشامية.
«بنات صالح » والكاميرا المائلة
كما استفاد المخرج إياد نحاس من تلك الخبرة وطوّعها مؤخراً في خدمة الدراما العراقية عبر مسلسل «بنات صالح» وأجاد عبر لقطاته المدروسة في تقديم معالجات فنية لمضامين المشاهد الدرامية، العمل الذي كتبته ندى خليل غاص في عوالم المجتمع العراقي، وتُلخص الحكاية من خلال قصة رجل يدعى «صالح»يخرج من السجن ليبحث عن الماضي الخاص به، وبتقنية الفلاش باك التي تنقلنا إلى ماضيه نكتشف أن لديه أربع بنات، لكن زوجته تقوم بتطليقه بعد حبسه واتهامه بارتكاب جريمة قتل والحكم عليه بالمؤبد، ولظروف معينة يخرج من سجنه وتبدأ رحلة بحثه المريرة عن عائلته ومحاولة إثبات براءته… قصة ربما تشبه قصصاً متعددة تم تقديمها في الدراما السورية كمسلسل «الغريب» أو مسلسل «يوماً ما» لكن الاختلاف كان هنا في طريقة الإخراج البصري وفي حركة الكاميرا المائلة التي اعتمدها نحاس في إدارته لتفاصيل العمل الفنية، واعتماده اللقطات السينمائية في بعض المشاهد الحاسمة، وهو ماحقق متابعة عالية عند طرحه على القنوات التلفزيونية.
«شامبليون» وحجر رشيد
ثم لينتقل نحاس بعدها إلى العمل الأبرز الذي أثار الفضول بعنوانه «شامبليون» ويبدو للوهلة الأولى مرتبطاً بالعالم الفرنسي «شامبيلون» مكتشف حجر رشيد في مصر، والذي استطاع من خلال قراءته الكشف عن أسرار الكتابة المصرية القديمة «الهيروغليفية»، من حيث بنيتها اللغوية وتركيبها الصوتي، وسبر عوالم المصريين القدماء، فما الرابط بين عنوان العمل والشخصية التاريخية المعروفة وتساؤلات كثيرة طرحت عن العمل ومضمون ما يحمله؟.. يجيب المخرج نحاس لـ «تشرين»: إن السرّ له علاقة باللغات والتواصل عبر عوالم التكنولوجيا، و«شامبليون» هنا هو تطبيق برمجي يشبه بتفاصيله عوالم الفيس بوك والواتس أب والإنستغرام، وكل ما له علاقة بعمليات التواصل البشري، ولكن التطبيق هنا له شكل آخر فمن خلاله تعمل بعض العصابات بمجموعة أمور خارجة عن القانون وتحاكي الفساد في بعض منظوماته، ويضيف نحاس العمل هو عشارية عتبتها الأساسية تحكي عن تأثير التكنولوجيا على الحياة اليومية، وبخصوص اختياره الممثلين يؤكد نحاس: «تعاملت بحيادية مع هذا الموضوع فطبيعة النص هي التي فرضت الشخصيات، فتم استقطاب مجموعة من الممثلين العرب من مختلف الجنسيات من بينهم السوري أويس مخللاتي واللبنانيان داليدا خليل وخالد السيد وغيرهم..»
«كانون» والبرد
وبخصوص مسلسل «كانون» الذي بدأ تصويره منذ يومين لفت نحاس إلى أن العمل يتألف من ثلاثين حلقة، ويدخل عبر الكاميرا إلى بعض طبقات المجتمع التي زادتها الأزمة فقراً، ويتحدث عن منعكسات الأزمة عليهم وهناك إشارة إلى بعض التجاوزات التي حصلت نتيجة ظروف الحرب، وبروز طبقة جديدة من تجار الأزمة، ويستكمل نحاس حديثه بأن «كانون» هو اسم البطل الرئيس في العمل، وفيه إشارة بشكل ما إلى طبيعة الشخصية من ظلام وعتم وبرد، وهو من تأليف علاء مهنا، ومعالجة درامية لخالد إبراهيم، وإنتاج شركة «بايورتا».. واكتفى نحاس بهذا القدر من التفاصيل محتفظاً بخطوط العمل لحين وقت العرض، ويؤدي أدوار البطولة كل من: بسام كوسا، سمر سامي، مهيار خضور، ميلاد يوسف، رنا الأبيض، هبة نور، سلمى المصري، طارق مرعشلي، عبد الفتاح المزين، فرح خضر، وائل زيدان، محمد قنوع، إنجي مراد، سارة بركة..وغيرهم.