أقل جاكيت براتب شهر!.. أسعار الألبسة الشتوية ثقيلة على الجيوب.. وتجار يتحدثون عن الركود
تشرين – عمار الصبح:
من محل لآخر في أحد أسواق الألبسة بمدينة درعا، تتنقل إحدى السيدات باحثة عن قطعة مناسبة لابنتها ذات الأربعة عشر عاماً، ومع كل محل تدخله، تخرج خاوية الوفاض فالأسعار القياسية للألبسة الشتوية هذا الموسم كانت مفاجئة بالنسبة لها وأكبر بكثير من أن تستطيع مجاراتها.
تقول السيدة التي تعمل موظفة في القطاع التربوي إن سعر أقل جاكيت شتوي في السوق يصل إلى 125 ألف ليرة ما يعني راتبها لشهر كامل، هذا إن فكرت بشراء قطعة واحدة فقط، أما لو قررت كسوة أبنائها الأربعة فهي حتماً تحتاج إلى راتبها لسنة كاملة على حدّ قولها، ما دفعها للبحث أكثر بين محلات الألبسة علّها تجد ضالتها وتحظى بسعر يقترب ولو قليلاً مع قدرتها الشرائية.
زيادات الأسعار تراوحت بين 75- 100 ٪ مقارنة عما كانت عليه في الموسم الماضي
حال السيدة لا يختلف عن كثير عن حال كثير من الأسر التي بات موسم الشتاء بالنسبة لها همّاً يشغل البال ويضاف إلى جملة الهموم المعيشية الأخرى التي لا يعرف لها أوّل من آخر، وفي هذا السياق تشير سيدة أخرى إلى أن أسعار الألبسة الشتوية تضاعفت هذا الموسم وباتت محلاتها للفرجة فقط، ما دفع كثيرين باتجاه الخيارات الأقل تكلفة كمحلات البالة والبسطات الشعبية ذات الجودة الأقل والتي نالها هي الأخرى نصيب من ارتفاعات الأسعار، أو التصرف حسب المتاح عبر تدوير الألبسة القديمة كالتطويل والتقصير حيناً والترقيع أحياناً أخرى.
وبعيداً عن الأسعار التفصيلية للألبسة هذا الموسم يمكن ملاحظة أن الأخيرة سجلت زيادات تراوحت بين 75- 100٪ مقارنة عما كانت عليه في الموسم الماضي، وتختلف هذه الزيادة حسب تصنيف هذه الألبسة وجودتها وأيضاً حسب المنطقة.
ويرى أحد تجار الألبسة في سوق مدينة الصنمين أن المشكلة ليست في الأسعار فهذه الأخيرة لا تزال مقبولة، بل أسعارها مقاربة لما كانت عليه في الموسم الماضي على حدّ رأيه، إذا ما أخذنا في الحسبان معدلات التضخم المرتفعة والتغيرات في سعر الصرف، مشيراً إلى أن المشكلة الرئيسة هي في ضعف القدرة الشرائية وعدم تناسب الأسعار مع المداخيل الشهرية للكثيرين وخصوصاً لفئة الموظفين والعمال وهؤلاء خرج معظمهم من حسابات تجار الألبسة.
«حماية المستهلك»: هوامش الأرباح في قطاع الألبسة تختلف مابين المنتج وبائع الجملة والمفرق
وأضاف التاجر: أسواق الألبسة تعاني من الركود حالياً والطلب على الألبسة في أدنى حدوده لمثل هذا الوقت من العام، فيما لا يتعدى حجم مبيعات كثير من أصحاب المحال بضع قطع من الألبسة يومياً، لافتاً إلى أن الأسواق تكاد تخلو من مرتاديها باستثناء بعض ممن اضطرتهم مناسبة اجتماعية أو ظرف طارئ لاقتناء الضروري فقط وعلى أضيق الحدود، ما بات يهدد تجارة الألبسة -كما يقول- بالتوقف عن العمل والإغلاق مع ارتفاع تكاليف العمل وأجور المحال التجارية والإنارة والرسوم وأجور العمال وغيرها من تكاليف هذا النوع من التجارة.
المشكلة الرئيسة تكمن في ضعف القدرة الشرائية وعدم تناسب الأسعار مع المداخيل الشهرية للكثيرين
وتختلف هوامش الأرباح في قطاع الألبسة بين المنتج وبائع الجملة والمفرق، وحسبما يبين رئيس شعبة الأسعار في مديرية التجارة الداخلية في درعا المهندس بسام الحافظ فإن تسعير الألبسة يتم قانوناً حسب الفواتير المقدمة من التجار والذين بدورهم يستجرونها من الصناعي بموجب فواتير نظامية أيضاً،
ويتم تحديد الأرباح بمعدل 25% للمنتج و7٪ لبائع الجملة و30% لأصحاب محلات المفرق، لافتاً إلى أن المديرية تتعامل بشكل فوري مع كل شكوى تردها بخصوص أسعار الألبسة ويجري التعامل مع التجار بناء على النسب المحددة للأرباح الآنفة مع الإشارة إلى أن أغلب مخالفات الألبسة التي يجري تنظيمها تتركز على عدم تداول الفواتير النظامية.
وأعاد الحافظ التأكيد على المشكلة التي يعانيها قطاع الألبسة في المحافظة والتي جرى الحديث عنها مراراً وهي أن المنتجين وتجار الجملة لا يقدمون فواتير نظامية للتجار وإنما يكتفون بكشوف حساب مختومة فقط، ما يضع تاجر الألبسة في موقف المخالف.