حكاية «العيون السود» بين وردة وبليغ حمدي
تشرين- د.رحيم هادي الشمخي:
في عام 1972 اتفقت الفنانة نجاة الصغيرة مع الشاعر محمد حمزة على كتابة أغنية جديدة هي أغنية (العيون السود)، وطلبت منه أن يكملها على أن يتولى الموسيقار (بليغ حمدي) تلحينها، وفي هذا العام توجه بليغ حمدي إلى الجزائر لتقديم لحن (من بعيد أدعوك يا أملي) الذي ستغنيه الفنانة (وردة) في عيد استقلال الجزائر، وبعدها طلب بليغ حمدي من الفنانة وردة العودة إلى الغناء، ودعاها للرجوع مرة أخرى إلى مصر.. وأمسك بورقة وقلم وكتب «وعملت إيه فينا السنين، فرقتنا لا، غيرتنا لا، ولا ذوبت فينا الحنين، السنين، وبحبك والله بحبك، أد العيون السود بحبك، وأنت عارف قد أيه حلوة وجميلة العيون السود في بلدنا يا حبيبي»، وأمسك بالعود ودندنها فأدمعت عينا وردة، وقالت له: “حلوة أوي يا بليغ، كمل”، فقال: «أنا كنت كاتب دول بس»، فردت: لو أكملتها لأسمع كلامك وارجع إلى مصر أغنيها، فأدمعت عيناه من الفرحة -والكلام لا يزال على لسان (محمد حمزة)- فقال: اكملها (يا حمزة) من فضلك، وكملها الأخير لتناسب الفنانة وردة.
وقد كان بليغ يحب وردة حباً عظيماً، فقد كانت الكلمات صادقة من القلب وليدة مشاعر صادقة، وعادت وردة لتغنيها في أول حفل لها في مصر بعد العودة في نهاية عام 1972 وحققت الأغنية انتشاراً كبيراً، وقد أحب المخرج (حلمي رفلة) أن تغنيها في أول أفلامها (صوت الحب)، ولكن الفنانة نجاة الصغيرة أقامت دعوى في المحاكم لإثبات حقها في أغنية (العيون السود)، وبالفعل كسبت القضية ومنعت وردة من غناء هذه الأغنية مرة أخرى في مصر، وحدثت قطيعة فنية كبيرة بين ألحان (بليغ حمدي) لكن بعد مكالمة منها لبليغ بعد منتصف الليل، اتفقت معه على العودة مرة أخرى لألحانه، وأفرج عن الأغنية وغنتها الفنانة وردة في حفلاتها، وهكذا كانت أغنية (العيون السود) من أهم إبداعات بليغ حمدي التي حققها للفن العربي.