لأول مرة في اللاذقية.. افتتاح المحكمة الافتراضية في جامعة تشرين لصقل شخصية طلاب الحقوق وتأهيلهم للانخراط في سوق العمل

تشرين – صفاء إسماعيل:

في سابقة تعد الأولى من نوعها في اللاذقية، افتتحت كلية الحقوق في جامعة تشرين، صباح اليوم، المحكمة الافتراضية التي تهدف لدمج التعليم النظري بالعملي، وصقل شخصية طلاب الحقوق وتعزيز ثقتهم بأنفسهم ليكونوا قادرين على الانخراط في سوق العمل فور تخرجهم في الكلية.
في قاعة المحكمة الافتراضية، كل شي يحاكي واقع المحكمة العادية، حيث حضر ثلاثة أساتذة من كلية الحقوق بثياب هيئة المحكمة وجلسوا بأماكنهم، فيما كان الطلاب قد انتهوا من إعداد العدّة ليأخذ كل منهم دوره في الجلسة، بدءاً من المنادي على الجلسة وعلى الشهود، إلى كاتب ضبط الجلسة، السجّان، المتهمين، المحامي، النيابة العامة، المدعي، المدعى عليه، الشهود، الحضور.
بتوزيع متقن للأدوار، وتناوب سلس يحاكي أصول المداولات والمرافعات، قام كل طالب بدوره المحدد له، في قضية سرقة منظورة أمام المحكمة، في أول تجربة أثبتت نجاحها من خلال إتقان الطلاب أصول المحاكمة وسير الجلسة، ناهيك بالتحدث بلغة قانونية صحيحة.
بدوره، قال عميد كلية الحقوق بجامعة تشرين الدكتور بسام أحمد في حديث لـ”تشرين”: تعدّ المحكمة الافتراضية إحدى الوسائل المستحدثة التي تعتمدها الكلية لتمكين الطلاب من المعرفة وبناء الفكر القانوني، وذلك من خلال دمج المعلومات النظرية بالنطاق العملي، حيث يستطيع الطالب تطبيق النظري أمام المحاكم.
وجاء قرار افتتاح المحكمة الافتراضية لتمكين الطلاب من الجرأة على المرافعة الشفوية أمام هيئة المحكمة، والتحدث بلغة قانونية، بالإضافة لكتابة المذكرات الخطية، استخراج الدفوع التي يقدمها المحامي لهيئة المحكمة حسب كل قضية ينظر فيها، الأمر الذي أكده أحمد أنه يعزز ثقة الطالب بنفسه أثناء الدراسة الجامعية، ليكون مهيأً للانخراط في سوق العمل بعد التخرج، ولديه كفاءة بممارسة عمله.
وعن طلاب الحقوق الذين يستطيعون الخوض في غمار المحكمة الافتراضية، بيّن أحمد أنه بالنظر للعدد الكبير لطلاب كلية الحقوق، والذين يتجاوزون 7000 طالب تعليم نظامي، و6000 تعليم مفتوح، فإنه من غير الممكن أن تتم إتاحة المحكمة أمام جميع الطلاب، ولذلك فإنه تم الاقتصار على طلاب السنتين الثالثة والرابعة، مستنداً في ذلك إلى أن في السنتين الأولى والثانية يتم تعليم الطلاب مبادئ القانون ومداخله ولا يكون لديهم تعمّق في القانون، أما في السنتين الثالثة والرابعة فإنه يبدأ الشق العملي وأصول المحاكمات والمرافعات والتنفيذ والنقض، ولذلك فإنه من المفيد جداً للطلاب خوض تجربة المحكمة الافتراضية لتتبلور شخصية الطلاب الحقوقية.
وأكد أحمد أنه في وقت لاحق، ستعلن إدارة كلية الحقوق عن مسابقة لطلاب الحقوق، حيث سيتم تحديد قضية، وإعطاء مهلة مدتها 20 يوماً على سبيل المثال ليتقدم الطلاب بمذكرات خطية، ودفاع، ومرافعة، وسيتم اختيار أفضل مذكرة خطية، وأفضل دفاع، وأفضل محامٍ.
وأكد أحمد أن المحكمة الافتراضية فقط لصقل شخصية الطلاب وتمكينهم وتعزيز خبراتهم وتنميتها، إذ لن يحصل الطالب فيها على أي علامات، وهي ليست إلزامية للطلاب، وإنما فقط لمن يرغب خوض هذه التجربة والاستفادة منها.
وعزا أحمد السبب وراء عدم إلزامية المحكمة للطلاب، إلى العدد الكبير للطلاب في التعليم النظامي والمفتوح، والذي قد يجعل عدداً كبيراً من الطلاب غير قادرين على أخذ أدوارهم فيها، ناهيك بأن هناك طلاباً بعيدين ولا يقيمون في مدينة اللاذقية، وعليه لا يمكن إلزامهم بالمحكمة الافتراضية، مضيفاً: بالرغم من ذلك نحن نشجع جميع طلاب السنة الثالثة على الحضور للمحكمة، وخاصة أننا سنكرر المشهد أكثر من مرة حتى يستفيد أكبر عدد ممكن من الطلاب، كما سنعمل على تعميمها لتشمل الدعاوى كلها، مشيراً إلى أنه في كل جلسة للمحكمة الافتراضية سيشارك ما لا يقل عن 20 طالباً.
وأكد أحمد أن إدارة الكلية لن تتوقف عن المبادرة بالقيام بأي تجربة تخدم الطلاب، وفي سياق المحكمة الافتراضية سيتم تعميمها، مدللاً بالقول: اليوم افتتحنا المحكمة بقضية سرقة، على أن يتم النظر بقضايا أخرى متنوعة تشمل قضية بالقانون التجاري، كأن ينظر بخلاف تجار حول تجارة ما أو قيمة مالية لتعليم الطلاب كيفية الفصل فيها، وتابع: حتى إنه سيتم النظر في قضايا دولية أمام محكمة العدل الدولية، حيث سنمثل محكمة العدل الدولية بقضية تنازع دولتين حول منازعة قانونية والحجج التي ستقدمها كل دولة لإثبات أحقيتها، وتابع: حتى لو قدمنا لمحة بسيطة ولو بنسبة 50% عن أصول المحاكمات وسير الجلسات فإننا نحقق الفائدة للطلاب.

وبين أحمد أنه تم اليوم تمثيل أول جلسة في المحكمة بقضية سرقة منظورة أمامها، حيث كانت هيئة المحكمة من الكادر التدريسي في الكلية والذين قاموا بأدوار رئيس المحكمة والمستشار الأول والثاني، في حين مثل الطلاب الأدوار الأخرى كالمحامي، والنيابة العامة، السارق، الشهود، المدعي، المدعي عليه، كاتب ضبط الجلسة، السجان، المنادي على الشهود، والحضور.
وأكد أحمد أنه فقط خلال الجلسة الأولى ستكون هيئة المحكمة من الكادر التدريسي، بغية تدريب الطلاب، على أن يتم قيام الطلاب بتمثيل أدوار هيئة المحكمة اعتباراً من الجلسة التالية، وذلك تحت إشراف إدارة الكلية، مضيفاً: الطالب خلال الجلسة يتمرن ويقدم أفضل ما عنده ونحن نقوم بتقييمه وتوجيهه.
من جهتهم، أعرب عدد من الطلاب الذين شاركوا في أول جلسة للمحكمة الافتراضية عن سعادتهم بخوض هذه التجربة الغنية التي تحاكي المحاكم العادية، مؤكدين أن المحكمة الافتراضية تمنحهم الفرصة لصقل شخصيتهم وامتلاك الجرأة وتعزيز الثقة بالنفس على خوض غمار المحاكم من دون خوف، بالإضافة لتعلم أصول المرافعات والمحاكمات.
وأكدوا أن خوض تجربة المحكمة الافتراضية تمكنهم من امتلاك مفاتيح العمل، والتحدث بلغة قانونية سليمة تؤهلهم دخول سوق العمل مباشرة بعد التخرج.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار