عودة إلى قصص الجدات نتيجة التقنين الكهربائي مرشدة نفسية: القصص تعزز القيم الأخلاقية وتنشط خيال الطفل

تشرين- بشرى سمير:
أعاد انقطاع التيار الكهربائي، والتقنين لساعات طويلة تزيد على 8 ساعات متواصلة، قصص الجدات إلى الواجهة، حيث لم تجد العديد من الأسر طريقة لتسلية أطفالها من دون وجود تلفاز، أو النت لعرض أفلام الكرتون أو أغاني الأطفال، سوى سرد قصص الجدات القديمة، التي كنا نسمعها من جداتنا أيام زمان، عندما كنا صغاراً، وباتت تلقى استحسان الأطفال لما تحمله من عبر وقيم وعظات.
استرجاع ما تحفظه
وأشارت هدى ربة منزل وأم لأربعة أطفال إلى أنها ورغم الضيق الذي تشعر به عند انقطاع الكهرباء، إلّا أنها تحاول استرجاع ما تحفظه، من قصص جدتها لترويها إلى أطفالها حتى لا يشعروا بالملل.
ينصتون لجدتهم
أما الأم مريم فتؤكد مدى فرحها، لأن أولادها ينصتون إلى جدتهم ويسمعون الحكايات التي كنا نسمعها نحن عندما كنا صغاراً من أمهاتنا، لأن هذه الحكايات توسع خيال الطفل، وتكسبه مهارة التخيل والاندماج، مع شخصيات الحكاية، وخصوصاً عندما تنتهي الحكاية، وتبدأ الجدة بسؤالهم عن المغزى من الحكاية، وما فهموا منها، والعبرة التي أخذوها، وبعد أخذ ورد، تعدهم بحكاية جديدة غداً، ويظلون بشوق دائم لسماع حكايات الجدة في اليوم التالي.
ربَّ ضارة نافعة
‌وتقول المرشدة النفسية والاجتماعية الدكتورة حنان أبو رشيد: “ربَّ ضارة نافعة”، فقد ساهم انقطاع التيار الكهربائي في لجوء الأهل إلى قراءة القصص لأطفالهم لتسليتهم ومنعهم من اللهو بأشياء غير نافعة ضمن المنزل ما انعكس هذا الأمر إيجاباً على تعلم الأطفال القراءة، وتضيف، هناك العديد من الطرق لتعليم الأطفال، وإكسابهم قيماً وعادات إيجابية، ولكن تبقى القصة أو الحكاية بشخوصها الطريفة، هي الطريقة الأسهل والأبسط، والأكثر تأثيراً في الطفل، وتقويم سلوكه بشكل غير مباشر، فمن منا لا يعرف قصة النملة والصرصار، والعبرة منها في حبِّ العمل والنشاط وعدم الركون إلى الكسل.
تذكر أبو رشيد: عندما كانت جدتي تحكي لي قصصاً وحكايات مثيرة قبل النوم، مثل سندريلا، أو ليلى والذئب، كنتُ أظن أن القصص التي تحكيها لي مجرد حكايات مسلية لكي أستغرق في النوم، حتى أدركتُ أن كثيراً من القيم والسلوكيات الإيجابية التي اكتسبتها في طفولتي، كانت بفضل قصص جدتي الغالية.
عالمهم الخاص
قراءة القصص للأطفال لهم عالمهم الخاص، الذي يصعب على الكبار اقتحامه، وتُعد القصص والحكايات مفتاحاً لدخول هذا العالم الساحر، فأغلب الأطفال يحبون الاستماع إلى القصص، ويتطلعون لمعرفة المزيد عن أبطال القصة، ويتأثرون بهم ويحاولون تقليدهم، وهنا يأتي دور الأم أو الجدة في اختيار قصص مناسبة، لغرس الصفات الحميدة في طفلكِ منذ صغره، مثل الشجاعة والنظام والحكمة والأمانة والكرم والمشاركة والصدق، وكذلك يمكنكِ تقويم سلوكه من خلال القصة من دون توجيه الاتهام أو النقد له بشكل مباشر.
فوائد للأطفال
وتوضح أبو رشيد أن لقصص الجدات فوائد للأطفال، بالإضافة إلى تعليمهم القيم الإيجابية وتعديل سلوكهم، مثل قصة الشاطر حسن، الذي يحب عمل خير، ويتحلى بالإقدام والشجاعة، حيث تعمل القصة على توطيد العلاقة الأسرية، بين الأم والطفل أو الجدة والأحفاد، إلى جانب المتعة والتسلية وتنمية روح الخيال والإبداع لدى الطفل، حيث يتمتع الأطفال بقدرة هائلة على التخيل، لكن في ظل محاصرتهم بالأجهزة الذكية والشاشات المحيطة بهم في كل مكان، تضعف قدرتهم على التخيل ويجدون صعوبة في التصور لأن كل شيء موجود أمامهم بالفعل، لذا فإن حكاية القصص تساعد على تنمية حسِّ خيال الأطفال، وتصور الأحداث والشخصيات، إضافة إلى زيادة الحصيلة اللغوية للطفل، ومع كل سطر تقرأينه لطفلكِ تزداد حصيلة مفرداته اللغوية، ويتعلم المزيد من الكلمات، ولعلّ الطفلة شام البكور كانت مثالاً واضحاً على أهمية تنمية مهارات القراءة لدى الطفل، والذي ينشأ على الاستماع إلى القصص لن يُشبِع شغفه عندما يكبر إلّا قراءة الكتب.. لن تحتاجي إلى حث طفلكِ على القراءة والتحدث إليه عن أهميتها، كل ما عليكِ هو وضعه على الطريق الصحيح من خلال رواية القصص له منذ الصغر، وسيكمل هو مسيرته بنفسه.
سرد القصص المرعبة
وحذرت أبو رشيد من سرد القصص المرعبة أو التي تحتوي على كذب أو خيال مبالغ به، لما لها من أثر سلبي على الطفل، مع الحرص على أن تكون نهاية القصة فيها عبرة أو موعظة أو معنى إيجابي وفي نهاية القصة اسألي طفلك عن العبرة منها، والأخطاء التي ارتكبها أبطال القصة في حال وجودها والدروس المستفادة منها ورأيه بالأحداث.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار