«منصّة تشرين» مقاربةٌ لأبرز أدوات الحرب الاقتصادية على سورية.. وكيف تمّت المواجهةُ؟.. حقائقٌ خارج مضمار الاستعراض بشأن سعر الصرف.. كيف أدار «المركزي» الملفّ الصّعبَ؟ ؟

علي: إجراءات المركزي حققت استقراراً نسبياً في سعر الصرف خلال العامين الأخيرين مقارنة بدول الجوار التي عانت انخفاضاً كبيراً في قيم عملاتها على الرغم من عدم وجود حروب أو أزمات لديها.. السواح: تعدد سعر الصرف إحدى أدوات الدعم عالمياً ولا سيما في وقت الأزمات..

تشرين: باسم المحمد- غيداء حسن- رشا عيسى- إبراهيم غيبور:

المعركةُ الاقتصادية التي شنّت على سورية إلى جانب الحرب الإرهابية، والتي لا يستهان بها أرخت بظلالها الثقيلة على سعر صرف الليرة السورية التي تكابد عناء البقاء مستقرةً لتجنب السيناريوهات الأكثر قتامةً، وسط ظروفٍ اقتصادية إقليمية وعالمية ضاعفت الوضع الضاغط محلياً ، بعد أن قلبت الحرب الإرهابية الأحوال، وغلبت المستوردات على الصادرات التي كبلها ضعف الإنتاج، ما أضعف التصدير وزاد فاتورة المستوردات.
واضعو السياسة النقدية لا ينفكّون يؤكدون أن ردم العجز القائم لا يعتمد على ضخ الأموال من المصرف المركزي إلى السوق، لأن من صفات هذه السياسة أنها قصيرة الأجل، أما الديمومة فتتطلب تضافر جهود الوزارات المختلفة التي يدخل عملها في صلب دعم الإنتاج وتحريك عجلته المتباطئة بفعل عوامل الحرب والحصار .

وبين عوامل اقتصادية وأخرى نفسية مثبتة في العلم الاقتصادي بأنها تؤثر في سعر الصرف، يعمل المصرف المركزي لمعالجة العاملين، مبيناً خسارة الأثرياء المليارات في المصارف اللبنانية، وكذلك من جراء العدوان الإسرائيلي المتكرر على المرافئ والمطارات.

الوضع الاقتصادي المزدهر الذي تفسره الأرقام والإحصائيات التي تعود إلى ما قبل هذه الحرب الظالمة، أي إلى العام 2010 يعد شاهداً حقيقياً على حقبة ذهبية لم تلطخها يد الإرهاب، وعلى بلد منتج كان يحقق توازناً في ميزانه التجاري، ويعيش استقراراً اقتصادياً ونقدياً ومعيشياً.

منصة« تشرين» الأسبوعية تواصل مناقشة القضايا الاقتصادية الأكثر إلحاحاً في الشارع المحلي، وتقدم مع ضيفيها الدكتور فؤاد علي مدير العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي، و رجل الأعمال محمد ناصر السواح، سلسلةً من الشروحات التي تتعلق بسعر الصرف والطرق المتبعة من الجانبين الرسمي والتجاري للحفاظ على استقرار سعر الليرة وتجنيبها المزيد من الهزات العنيفة.

ميزانُ حرارةٍ للجسم الاقتصادي

مدير العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي الدكتور فؤاد علي يصف سعر الصرف بأنه ميزان الحرارة للجسم الاقتصادي، وعندما يكون هناك خللٌ في الجسم الاقتصادي يكون هناك ارتفاعٌ في سعر الصرف .
ويشرح سلسلة أسباب داخلية وخارجية أثرت في سعر الصرف منها الأزمات المتعاقبة التي شهدتها الساحتان العالمية والإقليمية خلال العامين الأخيرين، وأثرت بشكل مضاعف في الاقتصاد المحلي وفي سعر الصرف.

علي: الحربُ حوّلتنا من بلد مصدّر إلى مستوردٍ ما أثّر في الميزان التجاري

علي: ثمّة سلسلةُ أسبابٍ داخلية وخارجية أثّرت في الليرة

وبيّن علي أن سعر الليرة واجه هزات قوية في العامين الفائتين ابتداء من نهاية 2019 مع نشوب الأزمة اللبنانية، وعدم قدرة السوريين على سحب ودائعهم بالقطع الأجنبي، إضافة إلى أزمة «كوفيد 19» التي أثرت في نمو الاقتصادات العالمية ومنها سورية، وصولاً إلى فرض عقوبات أميركية جديدة أبرزها ما يسمى «قانون قيصر» الذي دخل حيز التنفيذ في حزيران 2020, والتداعيات الأخرى التي أثرت في الاستقرار الاقتصادي في دول الجوار التي شهدت تراجعاً جوهرياً في قيمة عملاتها المحلية، فضلاً عن الحرب الروسية_ الأوكرانية التي سببت حالة تضخم عالمية وانقطاعاً في سلاسل التوريدات انعكست سلباً على أقوى العملات العالمية مثل اليورو والجنيه الإسترليني.
أما داخلياً، فقد استمرت الأزمات التي يعانيها الاقتصاد السوري، وأهمها تراجع الموارد والإنتاج واستمرار سيطرة القوات الأجنبية المحتلة على آبار النفط، الأمر الذي يستوجب الاستمرار في استيراد النفط، وعدم كفاية محصول القمح المحلي لكون المحصول يتم بيعه إلى خارج الحدود، والحاجة إلى استيراد القمح والترميم المستمر للاحتياطي الغذائي .

مرآةٌ تعكس الواقع الاقتصادي
ولأن القاعدة الاقتصادية تقول: إن سعر الصرف هو مرآةٌ تعكس الواقع الاقتصادي يجد علي أنه ، وبعد حرب استمرت ١٢ عاماً، وترافقت مع عقوبات خانقة طالت كل مناحي الحياة ما أدى إلى ضعف في الإنتاج بعد أن دمرت الحرب الإرهابية على بلدنا المصانع والمعامل والورش، و تسببت بسرقة آبار النفط، وكذلك القمح وتوقف أغلب المحاصيل التي تصنف استراتيجيةً ، في وقت قيدت فيه المصارف، وباتت بفعل العقوبات عاجزة عن التحويل عبر حساباتها باستخدام الدولار ، كل هذه الأوضاع قلبت الأحوال ، وحولت سورية من بلد مصدر إلى مستورد مع خلل في الميزان التجاري .
ويشرح علي الخسائر الكبيرة التي تركتها الحرب، والتي انعكست مباشرةً على سعر الصرف، مشيراً إلى أن السياحة قبل الحرب كانت على سبيل المثال تدعم الخزينة سنويا بحدود 6 مليارات دولار، حسب أرقام العام 2010، مع وصول ما يقارب 5 ملايين سائح إلى سورية.
والقطاع النفطي المنهوب حالياً كان نقطةً مهمة في الاقتصاد الوطني، إذ كنا ننتج ما يصل إلى 385 ألف برميل يومياً، وكان يغطي معظم واردات الخزينة مع تلبية الحاجة المحلية التي كانت تبلغ 150 ألف برميل، والبقية كانت تذهب إلى التصدير، والقمح أيضاً كان يغطي الحاجة المحلية و الفائض يذهب الى التصدير، أما اليوم فإن فاتورة النفط والقمح وحدها كافية للتأثير بشكل قوي في الاقتصاد.

عواملٌ اقتصاديّة ونفسيّة
وعند سؤاله عن العوامل المؤثرة في سعر صرف الليرة بين النظري والواقع ؟ فإن جواب علي يتمحور حول شرح كيفية تأثر سعر الصرف بالعوامل الاقتصادية والعوامل النفسية.

العوامل النفسية ردها إلى وجود مواقع إلكترونية مرتبطة بغرف عمليات خارجية تواظب على بث أخبار وهمية عن سعر الصرف وترويج لأسعار أعلى أو أقل من السعر الحقيقي، وتحرض ما يسمّى اقتصادياً « سياسة القطيع» وبث الشائعات في عملية تلاعب هدفها تحقيق الأرباح لهذه المواقع ولمشغليها، والتي هي في بعض جوانبها شبكاتُ مضاربة، مؤكداً أن أغلب هذه المواقع مغرضة، وهي موجّهة ومسيّسة، وليست بعيدة عن غرف العمليات الموجودة في دول الجوار التي تكنّ العداء لسورية، أي هناك مصالح وجني أموال كبيرة وأغلب هذه الغرف تدار من تركيا .

علي: تعدّد أسعار الصرف جاء دعماً لقطاعات منتجة أو مواد أساسية

العوامل الاقتصادية تتلخص في الإنتاج والتصدير والعرض من القطع الأجنبي، أي إن العامل الاقتصادي مرتبط بالحرب مباشرةً، وعمليات التخريب التي دمرت المعامل والمصانع ، واليوم الأزمة تراكمية، وسعر الصرف هو تراكمي، وهو توازن في العرض والطلب، وعندما يتوازن العرض مع الطلب يتوازن سعر الصرف، أما حالياً ومع تراجع عامل الإنتاج فقد تحولنا إلى الاستيراد، ما أحدث خللاً في الميزان التجاري، وتوسع العجز.

العرضُ والطلب

يأتي العرض والطلب من الصادرات والواردات، و قبل الحرب كانت الصادرات تتراوح ما بين 17و 18 مليار دولار والمستوردات 19 مليار دولار، وكان العجز في الميزان النقدي بحدود 2 مليار دولار، وكان يغطى من الحوالات، في بعض الأحيان كان هناك فائض في الميزان التجاري بمليارات الدولارات، وهذا على نطاق الصادرات والواردات، أي فقط كمواد فيزيائية، كما يؤكد علي، وهذا انعكس استقراراً وقتها على سعر الصرف، إذ كان سعر صرف الدولار الأميركي نحو 46 إلى 48 ليرة وأحياناً كان أعلى من السوق السوداء، والحديث يدور أيضاً حول عام 2010 وما قبل، فقد كان التوازن قائماً بين الصادرات والواردات، وكان سعر الصرف ثابتاً سنوات .

سياسةٌ قصيرةُ الأجل

يشدد علي على أنه ليس مطلوباً من المصرف المركزي ضخّ الأموال لتغطية العجز لأن السياسة النقدية هي دائماً سياسة قصيرة الأجل ، إذ يتدخل المركزي في سعر الصرف في السوق مدة أشهر أو سنة كحد أقصى، بينما الاقتصاد الحقيقي تتدخل فيه وزارات متعددة معنية كالاقتصاد والزراعة ، أي السياسة الاقتصادية الوطنية تتكامل كفريق يدعم بعضُهُ بعضَه الآخر .
والحالة الصحية تعني أن يتم تخفيض النفقات ودعم القطاعات المختلفة.

عدمُ خنق الاقتصاد

يؤكد علي أن دور المركزي يتركز على الحفاظ على استقرار سعر الصرف مع عدم خنق الاقتصاد ، ويعطي مثالاً على ذلك بأن المصرف المركزي يستطيع تحديد سعر صرف الدولار عند حدود معينة، ولكن سنواجه فقداناً لبعض المواد من السوق، هناك مواد كمالية، ولكن لها ضرورة «مكيفات» مثلاً، لكن هذا غير مجدٍ ، وكان الخيار الأفضل اعتماد ( قاعدة الأولويات) التي اتبعها «المركزي» التي تنص على أن يتم التمويل حسب الأولويات ، وذلك من خلال دعم استيراد المواد الأساسية الأكثر أولويةً مثل القمح و الأدوية ومستلزمات القطاع العام الضرورية، وذلك عند السعر الرسمي 2525 ليرة للدولار الأميركي، وبعض المواد الأساسية الأخرى من خلال المصارف العامة مثل السكر والأرز وذلك على سعر صرف 3030 ليرة .

علي: هناك غرفُ عملياتٍ في دول الجوار مهمتها ضربُ الليرة

وأيضاً العمل على تأمين مصادر تمويل القطع الأجنبي لمستوردات القطاع الخاص وبموجب قرار لجنة إدارة مصرف سورية المركزي 1070 لعام 2021 وتعديلاته خلال الفترة الماضية على تأمين مصادر تمويل مستوردات القطاع الخاص من المواد المسموح استيرادها، إما من خلال شراء القطع الأجنبي عن طريق المصارف العاملة المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي لقاء دفع القيمة المقابلة لليرة السورية، و إما من حسابات المستورد المفتوحة لدى أحد المصارف العاملة محلياً بالقطع الأجنبي وإما من حساباته في الخارج أو عن طريق منصة التمويل من خلال إحدى شركات الصرافة العاملة .

حصارٌ مدروس

الصناعي ورجل الأعمال محمد ناصر السواح تحدث أيضاً عن تأثير الحرب التي امتدت 12 عاماً على بلدنا، ويؤكد أن الوضع الاقتصادي في ظروف الحرب له ظواهره السلبية، و حالياً يمكن القول إن الاقتصاد مريض ومشلول، مرجعاً ذلك لأسباب عدة أبرزها أن الخصم أو العدو لم يترك وسيلة إلا واستخدمها ضد بلدنا وعادة مثل هذا الحصار يؤلم دولاً كبرى فكيف بدولة بحجم بلدنا وظروفها.

الحصار ضد بلدنا حصارٌ مدروس و ممنهج، إذ تم تحييد المنتجات الزراعية أو السلة وكذلك حوامل الطاقة، وأصبحنا في عوز .

عبء كبيرٌ

ويوضح السواح أنه بعد عام 2017 صار العبء على الحكومة مضاعفاً، وحصل نقص في القطع الأجنبي، مترافقاً مع التزامات حكومية جديدة في الأراضي المحررة من الإرهاب و التي تحتاج إلى إعادة إعمار وتأهيل، وهذا فرض طلباً أكبر على النقد والعملة .
وبين السواح أن أي عملة في العالم تحتاج قوةً ذاتية تحملها، وهي الاقتصاد بكل معطياته « سياحي أو تصديري أو صناعي» واليوم سورية ليست لديها قوة ذاتية تحمل النقد، فأصبحت هناك قوة إلزامية، وهذه القوة تتمثل في إجراءات المركزي والفريق الاقتصادي .

مسربان للقطع الأجنبي

يوضح السواح أنه كان يوجد مسربان للقطع الأجنبي، الأول هو التصدير والثاني هو الحوالات الشخصية التي تعد النسبة الأكبر، والآن فقدنا 60% منها بسبب الظروف الاقتصادية العالمية التي انعكست على مجرى الحياة العام في كل دول العالم .
وتحدث السواح عن مسألة مهمة جداً، وهي استمرار العدو الإسرائيلي في قصف المرافئ و المطارات، ما أدى إلى خسارة بمئات ملايين الدولارات من البضائع الموجودة، وحصلت أضرار كبيرة، ما أثر أيضاً في سعر الصرف .

خلطةُ عوامل

لا يرى السواح أن العوامل النفسية لها قوة العوامل الاقتصادية نفسها للتأثير في سعر الصرف رغم أهميتها، مبيناً أنه عندما يتم قصف المطارات والمرافئ البحرية من جهة، ثم اندلاع الحرب الأوكرانية التي أدت إلى مضاعفة الالتزامات المفروضة على الحكومة سواء من حيث حوامل الطاقة إلى القمح وكل المستوردات، تصبح الحكومة بحاجة إلى الضعف من القطع الأجنبي لتغطية المواد الأساسية .

السواح: الحصارُ ضد بلدنا مدروسٌ وممنهج

السواح: الطمعُ يدفع البعض لمحاربة «المنصّة» رغم أنها قلصت فترة التمويل

والإشكال الآخر الذي يواجهنا، حسب السواح ، هو أن رجال الأعمال الأثرياء كان لديهم في المصارف اللبنانية ما بين 30 إلى 40 مليار دولار، وتبخرت كلها، وكانت لهم عوائد أسبوعية مجزية يعيشون منها ، أيضاً هذا انعكس سلباً على سعر الصرف ، إضافة إلى أن الحولات الشخصية التي كانت تدعم الأهالي في الداخل من عدة دول تقلصت وانخفضت بسبب أيضاً الأزمات الاقتصادية التي تمر فيها البلدان التي يقيمون فيها .

تمويلُ المستوردات
يوضح السواح أن تمويل المستوردات هو حالة تتبعها كل الدول بناء على حصيلة القطع الموجود في المصرف المركزي يومياً .

وتحدث عما سمّاه عرفاً عالمياً.. يقول إنه عند ارتفاع أسعار أي سلعة بحدود بين 10 إلى 15% تنتعش عمليات تهريبها، وخاصة مع وجود الحدود المفتوحة، لذلك منصة التمويل في المصرف المركزي تساهم في الضغط على الاستيراد لضبطه وفق الأولويات الموجودة .
ويؤكد السواح أن تمويل المستوردات ليس مستحدثاً، وتم إيجاده مع بداية الأزمة المحلية تقريباً، حيث كان يحتاج مدة زمنية من 6 أشهر إلى 8 أشهر ، وكان رجال الأعمال يحاربون لتمويل مستورداتهم عبر المنصة، لأنهم كانوا يشعرون بالربح، أما حالياً، فإنه لا يعجبهم الحال، ربما لأنه لا يوجد ربح «زيادة».
تمويل المستوردات حالياً هو لضبط سعر الصرف و المستوردات، أي من الأسلم أن يتم ضبط المستوردات والتمويل لحين انتهاء هذه الأزمة .

تعدّد أسعار الصرف

تعدد أسعار الصرف يخلق بيئة خصبة للسوق السوداء، ما إجراءات المركزي كسلطة نقدية لضبط سوق النقد على نحوٍ عام ؟
سياسة تعددية سعر الصرف هي لدعم قطاعات منتجة كالصناعة والزراعة أو سلع أساسية – حسب الدكتور علي – وهي موجودة في العديد من الدول التي كانت لديها أزمة في الإنتاج , هذه السياسة هدفها دعم قطاعات معينة, فإذا أردنا دعم القمح والمواد الغذائية والأدوية تعطى سعراً مخفضاً، ولا يفترض على الدولة أن تدعم شراء المكيفات وتترك الخبز أو تضع لها كلها سعراً واحداً، بل يجب أن تدعم قطاعات معينة, هي « المواد الأساسية : الغذائية والأدوية والمواد الأولية التي تدخل في الصناعة» لكون الصناعة هي التي تنعش البلد، وتحرك عجلة الإنتاج , إذاً هذه المواد يدعمها المركزي، ويضع لها سعر صرف المصارف والصرافة .

السواح: الأزماتُ الدولية المتلاحقةُ أفقدتنا ٦٠% من مصادر القطع

وأشار علي إلى أنّ السعر الرسمي 2525 ليرة، وهو سعر الصرف الذي يمول به المصرف المركزي الجهات العامة, فاليوم هناك حاجات للوزارات تمول عن طريق هذا السعر , أما المواد الأساسية «الغذائية والأدوية» فتموّل عن طريق سعر صرف المصارف والصرافة والذي هو 3030 ليرة, إذاً سياسة تعدد أسعار الصرف تأتي لدعم القطاعات المنتجة .
من جانبه، يوضح السوّاح أن تعدد سعر الصرف هو إحدى أدوات الدعم في العديد من دول العالم ,ففي الدول التي تعاني أزمات, تلجأ في معالجة أسعار المواد إلى دعم سعر الصرف, واليوم سعر الصرف في سورية واضح , فهناك نوعان له, سعر داعم لبعض المواد والسعر الثاني الموجود في السوق عبر المنصة، ولا خلاف عليه، وهذا عرف عالمي، وليس جديداً .

تسعيرُ الحوالات

يقال إن الاختلاف الكبيرما بين سعر الصرف الرسمي للحوالات والسعر الحقيقي يحرم اقتصادنا من كمية كبيرة من القطع الأجنبي الذي يدخل عبر قنوات غير رسمية ؟ فما الحل ؟
بشأن هذه النقطة أشار السواح إلى أن سعر الصرف واضح، والمنصة تعطي سعر صرف عادلاً ومتوازناً, واليوم جميع من يحوّل من الخارج يحوّل على السعر العادل.

تهريبُ الصادرات
بعض الصناعيين يستفيدون من دعم المصرف المركزي لتمويل مستورداتهم كمواد أولية ليصدروها تهريباً إلى خارج سورية هرباً من قيود تعهدات التصدير؟
يوضح السواح أنه إذا كان هذا الكلام صحيحاً فالصناعي ينتظر ثلاثة أشهر ويتكلف كثيراً, فليست تجارة مربحة أن يستورد ويهرّب، لأن الاستيراد اليوم ليس سهلاً لأنه يوجد تمويل، وهو يعاني الأمرّين حتى تصل بضاعته فلماذا سيهربها ؟ هل ليتخلص من تعهد إعادة قطع التصدير ؟ هذا ممكن، ولكن عملية التهريب ليست سهلة، وهي مكلفة أكثر من التصدير النظامي، وإجمالاً التصدير من سورية على الأغلب يكون 80% منه مواد محلية « مواد زراعية أو مواد ذات قيمة مضافة عالية كالألبسة», فهذه لا حاجة لتهريبها لعدم وجود تكلفة مرتفعة لتصديرها, مضيفاً : إن القول عن تعهد إعادة قطع التصدير بأنه مكلف، هو في الحقيقة ليس مكلفاً في التسعير .
أما عن عملية التقاصً فيشير د.علي من جانبه إلى أنها خاصة بالصناعي المصدّر، إذ بإمكانه أن يستخدم كامل القطع , والفكرة منها إعادة 50% من القطع إلى مصرف سورية المركزي، وهي ملك للصناعي، وهو مخيّر يمكنه بيعها للمصارف أو استخدامها لتلبية حاجات عمله. , إذا كان صناعياً أتيحت له مادة فليستخدم كامل القطع لأن المصرف يدعم الصناعة.

المقايضة

وعن تساؤل لماذا لا تكون لدينا شبكة علاقات نقوم من خلالها بتبادل المنتجات (المقايضة) على أساس متكافئ من دون دفع أي أموال ، يؤكد الدكتور علي أنه تم طرح هذه الآلية والعمل عليها، وما زالت قيد الطرح، وهي من مصلحة المصرف المركزي، ولكن تحتاج موافقة من الطرف الآخر دولياً ، ولتاريخه لم يتم إنجاز أي عملية وفق هذه الآلية.
من جانبه ، عدّ السواح أن المقايضة تحتاج إلى طرفين , لدى كل منهما حاجات الطرف الآخر ، ولكن حتى اليوم لم نجد أي طرف لديه الحاجات نفسها التي نطلبها ونبادله بما يحتاجه ، كأن تحتاج سورية من بلد ما كمية من الرز، وهذا البلد ليس لديه الحاجة لمادة الحمضيات السورية، أو أي مادة أخرى، لافتاً إلى أن 80% من مستورداتنا تأتي من الصين ، وهذه الأخيرة لا تستورد أي منتج محلي من منتجاتنا ، في الوقت نفسه ليس لدينا سوق تصديري متكامل حالياً ، فنحن لا نستطيع أن ننجز عقوداً تصديرية طويلة الأجل أو مقايضة مستدامة ، فبلدنا لديه ظروف خاصة ، إذ نفتقر إلى العديد من مقومات الحياة الطبيعية المستدامة التي فقدنا جزءاً كبيراً منها بسبب ظروف الحرب خلال السنوات العشر الماضية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار