مع كل موسم.. انخفاض الزيت المستخرج من الزيتون يبعث الشكوك بصوابية عمل المعاصر ومطالب برقابة صارمة تمنع التلاعب

تشرين- وليد الزعبي:
مع بدء موسم عصر الزيتون في درعا عادت الأحاديث لتدور بين المزارعين حول انخفاض نسبة الزيت المستخلصة، باعثةً الشكوك بعدم التزام بعض المعاصر بالمعايير الفنية التي تضمن استخراج الكميات الفعلية من الزيت.

تفاوت غير معقول
أشار عدد من المزارعين إلى أن هناك تفاوتاً كبيراً في كمية الزيت المستخرجة بين معصرة وأخرى، واستغرب البعض احتياج صفيحة الزيت زنة ١٦ كغ إلى كمية بين ٧٥ و ٨٥ كغ في بعض المعاصر، بينما في غيرها تتطلب ما بين ١١٠ و١٤٠ كغ، وهذه الأخيرة كمية كبيرة لا يعقل أن تحتاجها تلك الصفيحة وتبعث الريبة والشك بآلية عمل بعض المعاصر، وتدفع للاعتقاد بأنها لا تلتزم بالمعايير الفنية، بدافع إبقاء نسبة من الزيت في مادة البيرين الناتجة عن العصر والذي يتم استخلاصه فيما بعد لأغراض صناعة الصابون.

مطالب بتفعيل الرقابة
وطالب عدد من المزارعين بضرورة الرقابة الفعالة والمفاجئة على عمل المعاصر في المحافظة، والتأكد من مدى تطبيقها لاشتراطات العمل، ومخالفتها في حال لم تكن ملتزمة بها حرصاً على عدم استغلال الفلاحين، توازياً مع ضبط أجورها وفقاً لما هو محدد من الجهات المعنية، لكون الكثير منها يتقاضى أجوراً زائدة عن التسعيرة بمسوّغ عدم كفاية المحروقات المخصصة لعملها واضطرارها لشرائها من السوق السوداء بأكثر من ضعف السعر النظامي.

معاصر تتجاهل الاشتراطات
رئيس غرفة زراعة درعا المهندس جمال المسالمة أكد لـ”تشرين” أن بعض المعاصر لا تعطي عملية العصر حقها العلمي والفني من الزمن، وكذلك لا تلتزم بدرجة حرارة المعجن وسرعة الفرز، ما يقلل نسبة الزيت، وهناك ضرورة لتحديد أجر العصر على صفيحة الزيت وليس على الكيلو غرام من الثمار، لأن من تكون نسبة الزيت في ثمار محصوله قليلة سيتحمل أجراً أكبر ممن في ثماره نسبة زيت أعلى، وطالب بضرورة تفعيل عمل لجنة الكشف على عمل المعاصر ووضع حدّ للمخالفات الحاصلة ومنع أي تجاوزات والالتزام بالتسعيرة المحددة، لافتاً إلى أنه ينبغي تحليل مادة البيرين الناتجة عن العصر وبيان فيما إذا كانت نسبة الزيت فيها زائدة عن الحدّ المسموح به وتنظيم الضبوط الرادعة في حال ثبوت المخالفة.

الزمن مهم
بدورها أوضحت المهندسة حنان الخياط رئيسة دائرة الأشجار المثمرة في مديرية زراعة درعا، أن المساحة المزروعة بالزيتون في محافظة درعا تبلغ ٢٢٩٠٠ هكتار, تضم حوالي ٤.٢٢٦ ملايين شجرة، والإنتاج الكلي المقدّر من ثمار الزيتون للموسم الحالي ٢٢٢٧٥ طناً، فيما إنتاج الزيت المقدر يبلغ ٢٩٠٠ طن، ولفتت إلى أن كل ٥ أو ٦ كغ من ثمار الزيتون تنتج ١ كغ زيت وسطياً، وبالتالي فإن صفيحة الزيت زنة ١٦ كغ تحتاج إلى ٨٠ كغ من الثمار، وإزاء المعاصر فهناك متابعة لعملها مع توجيهها بضرورة الالتزام بالاشتراطات الفنية خلال عملية العصر، ولاسيما زمن العجن ودرجة حرارة المياه المضافة للمعجن وأثناء الفرز، كاشفةً أن زمن العجن مرتبط بصنف الثمار ودرجة نضجها، حيث إن بعضها يتطلب نصف ساعة والآخر ساعة، كذلك فإن درجة حرارة المياه المضافة أثناء عملية العجن والفرز ينبغي أن تكون مابين ٣٠ و ٣٥ درجة مئوية.

عدم الالتزام يؤثر سلباً
وذكرت رئيسة الدائرة أنه في حال عدم إعطاء الثمار حقها من زمن العجن فإن نسبة الزيت الناتجة لصالح الفلاح تنخفض ويذهب قسم منه مع النواتج الصلبة (البيرين)، كذلك في حال كانت درجة حرارة المياه أثناء العجن والفرز أكثر من المحددة آنفاً (تصل في بعض المعاصر لما بين ٤٠ و ٤٥ درجة مئوية) فإن جودة الزيت تتأثر سلباً وترتفع نسبة الحموضة (الأسيد) في الزيت المستخرج.
وأملت الخياط تفاعل المزارعين بتقديم الشكاوى في حال ملاحظتهم أو شكهم بوجود مخالفات وذلك لمتابعتها واتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها، علماً أن متابعة المعاصر تتم من خلال جولات ميدانية بإشراف اللجنة الفرعية المشكلة لهذه الغاية من مديريات الزراعة والتجارة الداخلية وحماية المستهلك والموارد المائية والبيئة، وفي حال ورود أي شكوى على عمليات العصر يتم توجيه تنبيه وإنذار لصاحب المعصرة بعدم تكرار المخالفة وإذا استمر بها ينظم الضبط اللازم بحقه.

إرشادات
لا شك أن على المزارع الحرص على اتباع طرق معينة لدى جني الثمار وتعبئتها قبل عملية العصر، وبهذا الإطار نصح المهندس محمد الشحادات رئيس دائرة الإرشاد الزراعي المزارعين بقطاف ثمار الزيتون باستخدام القطّافات الآلية والقطاف اليدوي، بعيداً عن القطاف بالعصا، لما له من مساوئ تتمثل بتكسير الأغصان، وخاصة الحديثة منها التي ستحمل ثماراً في العام القادم، فيما أفضل طريقة لعصر الثمار أن تكون يومية للحصول على أفضل نوعية للزيت، وإن تعذر ذلك ينصح المزارع بعدم تكديس الثمار بكميات كبيرة ولفترة طويلة تزيد على 48 ساعة، لأن التأخر يؤدي إلى تعفن تلك الثمار وبالتالي انخفاض جودة الزيت الناتج، والملاحظ

أن أغلبية المزارعين يقومون بتعبئة الزيتون بأكياس خيش أو نايلون، والأصحّ تعبئتها بصناديق بلاستيكية أو خشبية مهوّاة وأن يتم حجز موعد مسبق لدى المعصرة لعدم بقاء الكميات المراد عصرها فترة طويلة وهي مكدسة، كما ينبغي أيضاً عدم جمع الثمار الجافة المتساقطة على الأرض، وفرزها لوحدها وعدم وضعها مع الثمار الناضجة وعصر كل منهما على حدة لكي لا تؤثر في جودة الزيت، بالإضافة لضرورة استخدام عبوات نظامية لحفظ وتخزين الزيت وكذلك تخزينه بمستودع بعيد عن الرطوبة والضوء.

للعلم
بدأت عملية العصر اعتباراً من ١٥ الشهر الفائت بوتائر منخفضة وبدأت تتسارع تباعاً، وخاصة بعد هطل الأمطار، وتم تحديد أجور العصر بقيمة ٢٠٠ ليرة للكيلو الواحد من الزيتون في حال كانت مادة البيرين للمعصرة, و٢٥٠ ليرة للكيلو في حال أخذ المزارع البيرين، علماً أنه لا توجه لدى مزارعي محافظة درعا لأخذ البيرين لعدم وجود معامل أو مصانع لمعالجة هذه المادة وتحضيرها للاستفادة من الزيت المتبقي فيها في صناعة الصابون، ومن المادة الصلبة في التدفئة، وللعلم يتواجد في المحافظة ٣٨ معصرة بعضها يحتوي على خطي إنتاج وهي حديثة، معظمها يعمل على مبدأ الطرد المركزي، لكن العامل منها فعلياً نحو ٢٥ معصرة، حيث خرج بعضها من الخدمة بسبب الأضرار التي لحقت بها خلال سنوات الحرب على سورية، وهناك مطالب بضرورة تأمين الكميات اللازمة لعملها وفقاً لمحاضر الاحتياج الفعلي الذي تقدّره لجنة مختصة بهذا الشأن، وذلك من أجل عدم مخالفة تلك المعاصر لأجور العصر النظامية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار