“الفرسان الثلاثة ” كوميديا أخفقت في التوهج ونجحت في التكرار.!
أمسى معلوماً أن الكوميديا أنجع الطرق لتعرية الفساد وانتقاد الفاسدين، فهي نشأت تاريخياً لهذا الهدف. ولذلك نجد في ذاكرة المسلسلات أن الأعمال التي تناولت قضايا الفساد بألوانه، إن لم تعتمد الكوميديا، لم تحمل نكهتها الخاصة، وكان مآلها النسيان.
وقد شهدنا في هذا الموسم عودة الفنان أيمن زيدان إلى الأعمال الكوميدية من خلال مسلسل ” الفرسان الثلاثة” للكاتب محمود الجعفوري وإخراج علي المؤذن، وبمشاركة الفنانين: جرجس جبارة وجمال العلي وشكران مرتجى، جيانا عنيد، غادة بشور، حسام عيد، رامي أحمر، رجاء يوسف، فادي صبيح، همام رضا، علي كريّم، لمى بدّور، شادي زيدان، عبير شمس الدين، عدنان أبو الشامات، وائل زيدان، والطفل علي عكروش وآخرين.
لكن المسلسل لم يضف جديداً لما سبق وأن قدمه الفنان زيدان في أعماله السابقة المتألقة، أي منذ (يوميات مدير عام ج1) ومروراً بـ (بطل من هذا الزمان) وصولاً إلى (أنا وأربع بنات) و( الوزير وسعادة حرمه) و( يوميات مدير عام ج2 )، وإن كان يقارب مواضيع لم يعالجها في المسلسل الذي قبله، مع أنها تقاطعت وتشابهت فيما طرحته ولامسته. وتجدر الإشارة إلى أن “يوميات مدير عام ج1” ظل له ألقه الخاص المتوهج، لأنه الأول، ولأن زيدان جسّد فيه أكثر من عشرة (كراكترات)، إذ مضى من منصبه كمدير عام في مهمة كشف بؤر الفساد وآلياته في مؤسسته.
وكان كاتب “الفرسان الثلاثة ” قد أجاد كثيراً في مسلسل ” الوزير وسعادة حرمه” الذي عرض عام 2006 في كشف وتعرية العقلية التي ساهمت في الانشقاق الدائم لأحد الأحزاب، بنسيج درامي غير مسبوق ومتقن، كما سلط مسلسله الضوء على فنون الفساد والسرقات في مؤسسات القطاع العام، ولا ندري لماذا عاد إلى المحور الفكري ذاته في ” الفرسان الثلاثة” وخاصة أنه لم يستطع أن يرتقي لمستوى وعمق الطرح في ” الوزير وسعادة حرمه”، ولا في أي خيط درامي من العمل! ناهيك أن مسلسل ” الفرسان…” إيقاعه بطيء ولا أحداث جديدة تغري بالمتابعة، شخصياً توقفت عن المتابعة مع نهاية الحلقة 12 ، ولم يكن أداء الممثلين حيوياً كما سابق عهدهم قبل سنوات سابقة. فالممثل عليه التفكير ملياً قبل أن يشارك في عمل كوميدي، كلما تقدم به العمر، وخاصة إن لم تكن الشخصية التي أوكلت إليه ليجسّدها ذات عمق وإتقان، في عمل يتسم بالأمرين معاً، وإلاّ فسيفقد الكثير من نقاط رصيده لدى المعجبين والمتابعين لأعماله. فالخطاب الخشبي للحزب البعيد عن هموم ومشاكل الناس في مسلسل ” الفرسان…” ذاته في مسلسل ” الوزير….”، والنقاشات والخلافات بين أعضاء الحزب، أيضاً هي ذاتها في المسلسلين، ومشاهد الاجتماعات الحزبية هي بؤرة أساسية أو محور أساسي في المسلسلين، بل كانت أجمل وأمتع في مسلسل ” الوزير…” لأنها كانت بكراً وأكثر إتقاناً وجذباً للمشاهدين، رغم المفارقة بين اسم الحزب ” الحزب الشبابي للتجدد والمعاصرة” وأعمار الأعضاء في الحزب الذين غزاهم الشيب منذ سنوات بعيدة ، وانشقاق ” الحزب الشبابي للتجدد والمعاصرة هيئة الإنقاذ” دلالة على ضرورة تجديد الأحزاب لعناصرها، وحتى هذا الانشقاق ليس جديداً عن المسلسل السابق. ولا ندري من أين جاءت نظرية الكوميديا بالضرب، التي اعتمدت في بعض المشاهد، كما أن محور شخصية “مرهف/ جمال العلي، وثريا / لمى بدّور” إن حذف من المسلسل لن يحدث أي خلل درامي فيه، كما لم نعلم لماذا قلّدت ” زينة/ جيانا عنيد” بحركات يديها ورأسها شخصية ” سمر / أمل عرفة” في مسلسل ” عيلة خمس نجوم”، حتى علاقتها بابن عمتها تشبه علاقة شخصية سمر بخطيبها فرحان!
أخيراً، كنا نتمنى أن يكون الإنتاج الوحيد لهذا الموسم لمؤسسة” سيريانا” الحكومية، أكثر جودة وعمقاً، كي لا يضيع جهد المخرج وفريق التمثيل والفريق الفني، وتالياً أن نكسب عملاً كوميدياً يستحق المشاهدة والإعادة أيضاً.