أم الشهيد أسطورة بتضحياتها
لا تكفي كل أبجديات العالم للكتابة عن قدسية وعظمة الأم، فكيف إذا كانت أم الشهيد، التي سطرت عبر أحد عشر عاماً أساطير بصبرها على ألمها باستشهاد أبنائها، فقد فاقت الخنساء صبراً وعنفواناً.
قدرنا في سورية العظيمة أن تمتحن الأمهات، في هذه الحرب الظالمة التي لم تترك أداة من أدوات الإرهاب إلا واستخدمتها ومازالت، وقد اعتادت أمهات سورية على التضحية تجاه أبنائهن لتكون التضحية الأسمى تقديم فلذة كبدها قرباناً ليبقى الوطن بسلام، وتكون أنموذجاً مشرّفاً لكل نساء العالم.
“تشرين” التقت بعض أمهات الشهداء وحكاية كل منهن تشبهها مئات الحكايات على مساحة الوطن.
حيث أكدت السيدة امتثال جافي أم الشهيد علي قادرو أن هذا اليوم صعب على كل أمهات الشهداء، ففي هذا اليوم يجتمع الأبناء عند أمهاتهم، أما أمّ الشهيد فتجتمع مع ابنها عند القبر، والأصعب مَن ليس له قبراً، الله يعطينا الصبر.. حرقة كبيرة وغصة في قلب الأمهات، لكن ما يصبّرنا أنهم شفعاؤنا وأنهم استشهدوا دفاعاً عن كرامة الوطن وعزته، الوطن غالٍ ومَن لا وطن له لا كرامة له.
فيما أشارت السيدة منيرة أحمد، أم الشهيد حيدر إلى أن ولدها معفى من الخدمة لكنه أصرّ الالتحاق بالكلية العسكرية، وقد حاولت تكراراً أن تقنعه أنه سندها لكنه كان يقول لها إذا لم أدافع أنا وغيري لن يكون للجميع سند، فإذا انتهكت حرمة الوطن وسيادته انتهكت حرمات كل السوريين، الموت بكرامة ولا العيش بذل، الفراق صعب ولم يعد يعنيني هذا اليوم، استشهد ابني البكر وتوفي ولدي الثاني وزوجي، وما يجعلني متمسكة بالحياة أمانة حيدر لي بأن نحيا بالوطن سعداء، العيد جميل ببهجة الأولاد بمعايدتهم: كل عام وأنت بخير يا أمي.
وأضافت بحرقة: في سنة استشهاد حيدر اتصل بي الساعة السادسة صباحاً عايدني وقال لي هل سبقني أحد، وكما كنت سباقاً في معايدتك سأكون سباقاً في معايدة أمُّنا جميعاً سورية، فعيدي كما كان يقول حيدر عندما يتعافى الوطن.
بدورها، قالت أم الشهيد مجد كفى كنعان: إن عيد الأم عند أمهات الشهداء، عيد له طعم خاص وعظمة خاصة، تتجلى هذه العظمة بأن الأم الحقيقية التي تحتضننا، والتي نحتفل بعيدها هي سورية الأم الحنون الغالية على قلوبنا جميعاً، وما نحن أمهات سورية إلا أبناء بررة أحببن أن يقدمن هدايا متميزة، ألا وهي أولادهن فلذات أكبادهن، هذه الهدايا ليست ملفوفة بشريط فضي أو ذهبي بل ملفوفة بعلم الوطن، وقدمناها لهذه الأم، وأنا أقول لك يا أمي يا سورية: أهديتك أعزّ وأغلى ما أملك في هذا الكون، أهديتك عمري وحياتي، أهديتك “مجداً” لتزدادي مجداً وتألقاً، وندعو الله تعالى أن تنقضي هذه المحنة التي ألّمت بالبلاد، وأن يتوقف نهر الدم وتهدأ قوافل الشهداء الذين قدموا أنفسهم للموت فداء ترابها الغالي، كل عام وأمهات سورية وخاصة أمهات الشهداء بخير.