كيف زجّ الغرب نفسه في لعبة خاسرة ؟.. عندما يتكلم الاقتصاد تختلف الحسابات

عندما يتكلم الاقتصاد تختلف توجّهات المعارك والصراعات والأزمات.. وعند تبيان الخسائر والمكاسب تصبح الاصطفافات الدولية تجاه أزمة ما، في مأزق حقيقي، وهذا دليل مؤكد على الحسابات الخاسرة وفقدان الخطط الاستراتيجية، إن أمكن القول.
أيّ أزمة تفتعلها واشنطن تنقلب ويلاتها على الساحة الأوروبية، فعندما صدّرت الإرهاب لمنطقة الشرق الأوسط ارتدّ هذا الإرهاب تفجيرات دموية في قلب القارة العجوز، واليوم يأتي استفزازها لروسيا بخسائر اقتصادية لأوروبا شاؤوا الاعتراف بذلك أم أبوا، وحتى لا نجافي الواقع فالضرر حتماً سيلحق بالاقتصاد الروسي أيضاً، ولكن عندما تكون هناك العديد من البدائل حتى لو كانت ذات فعالية أقل تأتي النتيجة بأقل الخسائر الممكنة، في المقابل عندما لا توجد بدائل أفضل يكون الفخ أتى بنتيجته المرجوة.
في الحملة على روسيا كانت العقوبات الاقتصادية جاهزةً والحديث تحديداً كان عن إخراج روسيا من نظام «سويفت» المالي العالمي، وهذا الأمر بلا شك خطوة مؤثرة، لكن باستطاعة روسيا الالتفاف على هذا من خلال نظام لتبادل الاتصالات بين البنوك «إس بي إف إس» الذي يمكنه العمل داخل روسيا بديلاً لـ«سويفت» ويمكن الانضمام إليه من خارج روسيا، وهو جزء مما يسميه القادة الروس «اقتصاد الحصن» الذي يشكل إستراتيجية اقتصادية دفاعية جرى تبنيها 2014 لعزل البلاد عن الضغوط الأجنبية، وانضم 23 بنكاً أجنبياً إلى «السويفت الروسي»، ونجحت روسيا في توقيع العديد من الاتفاقيات لربط نظامها بأنظمة دفع في دول أخرى مثل الصين والهند وإيران ودول الاتحاد الاقتصادي الأوروبي- الآسيوي، في المقابل ستكون البنوك الأوروبية التي لها فروع في روسيا أكثر عرضة للعقوبات.
كما أن وجود الذهب أكثر من الدولار في الاحتياطات الأجنبية لروسيا يجعلها أكثر قدرة على الصمود، فضلاً عن أن حصة الدولار في احتياطات المركزي الروسي انخفضت إلى 15% و22% في الذهب، إذ تتجه روسيا منذ سنوات إلى التعامل بالعملات المحلية في المبادلات التجارية ولاسيما مع الصين وإيران، وأيضاً من شأن عزل روسيا عن «سويفت» تسريع استخدام نظام cips الصيني المنافس، وهذه نقطة مهمة جداً.
في المقابل، ما بدائل الغرب عن الغاز الروسي مثلاً؟، مهما تكن البدائل فهي غير مجدية، ولن تكون أكثر ميزة وأرخص من الغاز الروسي، والتعويل على دول الخليج كما تريد واشنطن في هذه المسألة لن يفضي إلى نتيجة وباعتراف العديد من تلك الدول، وأكبر دليل على أهمية الغاز الروسي لأوروبا ما أقرّ به وزير الاقتصاد الألماني روبيرت هابيك من أن بلاده تحتاج إلى أن تبقي على إمدادات الطاقة من روسيا للحفاظ على استقرار الأسعار وأمن الطاقة.
ويرى خبراء في الاقتصاد أن خروج روسيا فعلياً من «سويفت» يعني حرمان أوروبا من 25% من استهلاكها للنفط القادم من شركات روسية و40 % من الغاز الطبيعي، إضافة إلى توقف إمدادات سلع غذائية رئيسة كالقمح والذرة والفول إلى الكثير من دول العالم، أي إن الاقتصاد العالمي قد يشهد أزمة تضخم، بدأت ارتداداتها بالظهور سريعاً، إذ ارتفعت أسعار المشتقات النفطية إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، حيث سجلت أسعار الغاز في أوروبا ارتفاعاً بأكثر من 27% صباح اليوم متجاوزة 3200 دولار للألف متر مكعب مع توقعات بأن تتجاوز ال4000 دولار لكل ألف متر مكعب، في حين تخطت المعادن الثمينة من ذهب وفضة وبلاديوم المستويات القياسية لأول مرة منذ أعوام.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار