التجار يحاولون الاستفادة من الاضطرابات العالمية
قال الدكتور أحمد اديب أحمد من كلية الاقتصاد بجامعة تشرين لـ” تشرين”: لا أحد يستطيع أن ينكر الآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية على العالم عموماً، وعلى سورية خصوصاً في الموضوع الاقتصادي.
وأضاف: لقد رأينا بوادر آثار الحرب في أوروبا، من خلال قطع إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا، عدا عن إغلاق المضائق في البحر الأسود، الذي أدى إلى ارتفاع أسعار كل من النفط والقمح وبقية المواد الغذائية بشكل كبير جداً، وبالتأكيد سينعكس هذا على أسواق المال والأعمال وأسعار الصرف، وخاصة في ظل التهديد الروسي الصيني للتخلي عن الدولار واستبداله بالعملات المحلية.
وأضاف أحمد: ما سبق سيؤثر على الأمن الغذائي في كثير من الدول، التي تعتمد على المستوردات ومنها سورية التي انتقلت من الاكتفاء التام ما قبل الحرب إلى الاستيراد التام خلال فترة الحرب عليها، حيث كانت الخطط الحكومية المتلاحقة تدعم الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي، لأسباب مقنعة أحياناً كاحتلال المجموعات المسلحة للأراضي السورية الزراعية، وأسباب غير مقنعة أحياناً أخرى كزعمهم أن تكلفة الاستيراد أقل بكثير من تكلفة الإنتاج، وهذا مبدأ تجاري لكنه غير اقتصادي ولا يليق بالحكومات المسؤولة.
وبيّن أحمد أن هذا يعني أن الانعكاسات السلبية والآثار الاقتصادية للحرب الروسية الأوكرانية ستمتد بشكل طبيعي إلى سورية وتؤثر سلباً في اقتصادها، على الأقل في المرحلة الحالية، لكن الغريب في الأمر وغير المقبول أننا وجدنا آثار الحرب الروسية الأوكرانية على الاقتصاد السوري قد بدأت في اليوم الأول من هذه الحرب، بفقدان المواد من الأسواق وارتفاع أسعارها الكبير، وهذا ما لم نجده على مدى أحد عشر عاماً من الحرب والحصار على سورية.
وأشار أحمد إلى أنه لا يختلف عاقلان في أن هذه الانقطاعات والارتفاعات لا علاقة للحرب الروسية الأوكرانية بها، بقدر ما تعود إلى جشع التجار وسوء الإدارة الحكومية للملف الاقتصادي، لذلك يتوجب على المعنيين الاهتمام أكثر بمراقبة المعامل والمصانع والأسواق ومكافحة التجار بكافة تصنيفاتهم، فهم يسعون للاستفادة من هذه الاضطرابات العالمية، وعلى الرقابة الحكومية أن تكون في أعلى مستوياتها حتى لو وصل الأمر إلى محاكمة كل مَن يضر باقتصاد البلد، ويؤثر سلباً في المستوى المعيشي للسكان بتهمه الخيانة.
ويرى أحمد أنه على الدولة السورية أن تستفيد من هذه الحرب، وتعمل على استثمار المزايا الإيجابية من جهتين: الأولى الاستفادة من التجارب الأخرى لدول فرضت عليها الحروب والعقوبات فاعتمدت على ذاتها، ووصلت إلى إنتاج السلاح النووي إضافة إلى الإنتاج الزراعي والصناعي، والثانية تتعلق بعدم الخوف والهلع من آثار هذه الحرب، لأن الأقوى فيها هو حليف قوي واستراتيجي وصادق مع سورية وسيدعمها بكل إمكاناته.
وقال: إن الأهم أن نسعى كدولة للاستفادة من هذه الظروف الاستثنائية، التي لا تتكرر في الزمن إلا مرات استثنائية قليلة ومعدودة.