العَمَلُ الاِقتِصَادِيُّ المُمَنهَجُ أَسَاسٌ لِقَلبِ الطَّاوِلَةِ

وسط حالة من التموجات التي اعترت الاقتصادات العالمية من جراء أحداث الأزمة الأوكرانية- الروسية، وما قد ينتج عنها من انتكاسات وتأثيرات مباشرة على حركة الاقتصادات، كحالات الغلاء وتضخم الأسعار لقياسات مخيفة، وتأخيرات ستطول التوريدات، وكل ذلك وسط تحوطات من جمهور المستهلكين في بعض دول العالم بفقدان السلع الغذائية وغيرها من المواد..
نعم هناك أوضاع اقتصادية صعبة يمرّ بها الاقتصاد العالمي ككل، والاقتصاد الوطني ليس بمنأى عما يحصل في أسواق الغذاء والطاقة بسبب الأحداث، وإجراءات بعض الدول بأخذها الحصار وفرض العقوبات سلاحاً تراه مناسباً لتنفيذ أجنداتها العدوانية، وأساليبها في فرض أطماعها واشتراطاتها في نهب خيرات الشعوب والتلاعب بمصائرها بكل عنجهية, غير آبهة بما سيحل من إرباكات وضغوطات حتى لو أدت إلى هلاك الملايين من البشر.
صحيح أن الاقتصاد الوطني مرّ خلال السنوات الماضية بالعديد من المطبات وحالة الاختلال في نموه لدرجة أنه بات معتمداً على الاستيراد لتعويض النواقص ، وفي وقت تحمّلت الخزينة العامة للدولة أعباء بالعملات الصعبة لتوفر كل ما يلزم من احتياجات المواطنين، ولا أحد ينكر حصول بعض التأخيرات وربما التقصير، إلا أن الظروف والتحديات كانت صعبة، لتأتي أحداث أوكرانيا وتزيد من سوداوية المشهد وربما قد تخلق حالة صعبة على مستوى الاقتصاد، فالحروب تبعاتها أولاً على الاقتصاد من تضخم للأسعار وارتفاع فاتورة المعيشة، لكن هذا لن يكون مبرراً للاستسلام والانتظار، فهناك خيارات للعمل، وهناك فرص اقتصادية ومؤشرات إيجابية في كثير من القطاعات، والأمر ليس بسوداوية ما يطرحه بعض المأزومين “نفسياً”، الذين بدؤوا باستغلال احتياجات الناس عبر توظيفها لمصالحهم الشخصية لملء جيوبهم وكروشهم..
مؤسف مستوى التكهنات والتحليلات، ومؤسف حقاً مستوى تدخل بعض الوزارات ومؤسساتها القاصر تجاه مسائل مهمة اليوم، مؤسف من لا يملك عملاً سوى لسان يشن فيه حرباً شعواء على الاقتصاد، ويصفه بأبشع الصور، ولا يرى غير ما يريد أن يراه ويفسره حسب هواه!
لم يعد بالنفع بقاؤنا جميعاً في دائرة الترقب والتكهن وإطلاق التأكيدات، صحيح أن واقع الاقتصاد ليس مريحاً، ومعيشة العباد صعبة, فكما أن هناك مؤشرات سلبية في الاقتصاد، أيضاً هناك مؤشرات إيجابية كثيرة وتستحق الوقوف عندها، بمعنى آخر؛ المطلوب الاعتماد على الذات أولاً وأخيراً، وخلق حالات من المبادرات والفرص.. فاستمرار الاعتمادية على الحكومة والإدارات ليس مستساغاً، بل يجب استغلال الفرص الواعدة، وبالعمل الاقتصادي الممنهج والمدروس والمؤسسي والجمعي مابين القطاعين العام والخاص وسيلة أساسية لقلب الطاولة..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار