إضاءة على جهد الناقد الراحل د. رضوان القضماني
عقد المكتب الفرعي لاتحاد الكتّاب العرب في حمص ندوة مهداة لروح الناقد د. رضوان القضماني الذي رحل في بداية تشرين الثاني الماضي، وشارك في هذه الندوة الشاعر طالب هماش، ود.الناقد هايل الطالب.
ألقى أولاً الشاعر همّاش قصيدة بعنوان “الغريب”، ثم استهل حديثه د. الطالب بالإشارة إلى أن نشاطاته باتحاد الكتّاب اقترنت بأستاذه الراحل القضماني، وأن من المفارقات الحزينة أن النشاطين الأخيرين قدمهما على التوالي الراحلان محمد بري العواني والشاعر محمد الفهد، فلهم جميعاً كل الرحمة.
ثم بدأ إضاءته على جهد الراحل القضماني بالإشارة إلى أنه من أوائل الذين درّسوا اللسانيات وهو يمثل الجيل الثاني، فهو مع الراحل د.مازن الوعر، ود.محمد بصل، لهم الفضل أولاً في التعريف بهذا الحقل المعرفي ولاسيما في ثمانينيات القرن الماضي، وقد برز هذا الجهد من خلال الترجمات، وتقديم الحقل المعرفي للقارئ العربي أولاً وللمختص ثانياً.
فقدم د.القضماني مقالات عرفت بأعلام اللسانيين من خلال مجلتي المعرفة والموقف الأدبي، حاول التعريف بأعلام هذا الحقل المعرفي وتركز تعريبه على الجهود اللسانية الروسية، وقسم من جهده اهتم بالموضوعات التي تدرسها اللسانيات وتوصيفات اللغة ووظائف اللغة ولاسيما عند تشومسكي، وقسم آخر ركز على الوظائف التواصلية للغة.
وقدم على الأقل كتابين لتعريف القارئ العربي باللسانيات، احتوى الأول على بعض اللغة الوجدانية كمحاولة تبسيط، وفي الكتاب الثاني (مبادئ لسانيات) لا يزال يدرّس في جامعة البعث، ركز فيه على المستويات اللغوية، وعلى مسألة التراتبية بين هذه المستويات من خلال المستوى الصوتي والصرفي والمعجمي ومستوى الكلمة، ولاحقاً في غير هذا الكتاب ركز جهده على المستوى النص باعتباره المستوى الأعلى للدلائل، وفي هذا الكتاب سلط الضوء على مبادئ اللسانيات من خلال مؤسس هذا العلم.
الصوت مخبرياً
وأشار د.الطالب أن الراحل القضماني من أوائل الذين حاولوا درس الصوت العربي مخبرياً، وهو كتاب رائد في هذا المجال، لم ينشر بعد، وإلى أنه قد اشتغل معه لاحقاً حول التشكيل التنغيمي في المنظومة اللغوية العربية، محاولين الانتقال من المستوى الصوتي إلى مستوى الجملة ودراسة تنغيم الجملة وأثره الدلالي والنحوي في اللغة العربية من خلال تحليل مخبري لعينات أجرياها على برامج في إذاعة دمشق، وتم تحليها في جامعة القاهرة لأجل تقدم رؤية متكاملة. ولعل الكتاب يصدر قريباً.
كما أن الراحل القضماني في خطوة تالية عمل على الجانب الدلالي أي الانتقال من المستوى الصوتي إلى المستوى الدلالي في دراسة النصوص الأدبية وربما كان الوحيد على المستوى السوري الذي حاول دراسة بنية النص الأدبي دلالياً فقدم مجموعة دراسات منها في بنية النص اللسانية على عينات من الشعر، ومنها في بنية النص الروائي اللسانية على عينات روائية ومنها روايات حنا مينة، ومجموعة أخرى من الدراسات حاولت أن تركز على المعجم اللغوي في محاولة للوصول إلى مقولة للنص، وهذا ما فعله د.الطالب بأطروحته للدكتوراه “التشكيلات الدلالية في النصوص الشعرية”، انطلق د. القضماني من أن الوحدات المعجمية للنص ككل ولا يقصد به فقط القصيدة بل قد يكون العمل الشعري نصاً قابلاً للدرس اللساني من خلال التركيز على البنى المعجمية المتكررة التي تشكل مقولات دلالية ثم تحليل هذه المقولات الدلالية في ضوء تشكيلات هذا المعجم اللغوي، وقدم تحت هذا عدة أطروحات على صعيد اللغة الإعلامية وعلى صعيد الأدب الطفلي وهي مجموعة دراسات مهمة أزعم إنها أسست لمنهج جديد.
جائزة ذهبية
ثم اختتم د. الطالب هذه الإضاءة العلمية على جهد الراحل القضماني بالإشارة إلى صعيد التحقيق، إذ قدم كتاباً بشعر د.علي الناصر، صدر عن وزارة الثقافة، وكتاباً آخر لامس فيه البنية السردية للقصص عند زكريا تامر اعتماداً على إجراءات لسانية وتفتح رؤى للدرس السوري على المنهج اللساني، صدر ضمن منشورات دمشق عاصمة للثقافة العربية عام 2008، وله دراسات غير المنشورة سنعمل على إصدارها في كتب، وله جهد في برنامج إذاعي في إذاعة دمشق بعنوان “وقفات لسانية” حاول فيه تبسيط اللغة اللسانية ونال عليه الجائزة الذهبية في مهرجان الإذاعة في القاهرة.