الظاهرة بازدياد.. انتحار عنصر آخر من عناصر “قسد”
مع إقدام أحد عناصرها اليوم على الانتحار. يمكن القول إنه لم تشهد ميليشيا “قسد “صعوداً واضحاً في نسب الانتحار والتهرب من التجنيد وانخفاض مستوى الدافع القتالي، كما هو حاصل في السنوات الأخيرة. حيث باتت تلك الظواهر تشكل موضوعاً مهماً وحساساً لدى الميليشيا، التي تحاول إبقاءه طي الكتمان وعدم الإعلان عنه رسمياً.
فقد ذكرت مصادر أهلية ل”تشرين” أن العنصر المنتحر علاء جلال الخضير أقدم على الانتحار بإطلاق الرصاص على نفسه، وهو من بلدة الصُوّر في ريف ديرالزور الشمالي المسمى منطقة الجزيرة.
وقد كثرت مؤخراً الأصوات التي تتحدث عن ظواهر متعددة في صفوف عناصر “قسد”، والتي تشير بمجملها إلى أن أسباب التهرب من التجنيد في صفوفها والانتحار ترتبط بالعوامل الشخصية والإجتماعية والوطنية.
وثمة إجماع على أن ميليشيا “قسد ” تتعمد حجب الحقائق بشأن تفشي ظاهرة الانتحار في صفوفها، وتتكتم على الأعداد الرسمية والحقيقية للعناصر الذين يقدمون على الانتحار سنوياً، لأسباب أمنية من أجل الحفاظ على الدافع للالتحاق بصفوفها والانخراط في القتال لصالحها.
وعند النظر بعمق للأسباب الفعلية لهذه الظواهر من دون الالتفات لسياسات التبرير السطحية المقدمة من الميليشيا المعروف عنها إخفاء الحقائق المتعلقة بشن اعتداءاتها وارتكاب جرائمها وتوريط عناصرها فيها. نرى على أرض الواقع الكثير من الشبان الذين أجبروا على الانخراط بالتجنيد في صفوف “قسد” صرحوا في مناسباتٍ عدّة بعدم رغبتهم بالعمل لديها، وخاصةً بعد الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها ضد السكان في مختلف أنحاء محافظات الحسكة ودير الزور والرقة، حيث يرى العنصر أنّ هذه الاعتداءات والجرائم إنما تُرتَكَب بحق إخوته من أبناء جلدته ووطنه وجيشه، وليس ضد عدو واضح ومعروف كما تزعم الميليشيا وعرابتها الولايات المتحدة الأميركية.
ومع الأخذ بعين الاعتبار أن العنصر البشري هو الأهم في أي قوة عسكرية، تعكس هذه المؤشرات ضعفاً جذرياً في منظومة قسد الهشّة جداً، رغم كل ما تقوم به من دعاية وترويج لقوّتها وعتادها.
وحسب مصادر من داخل ” قسد ” نفسها، نجد أن أغلبية المنتحرين عانوا مدة طويلة من قلق بشأن المستقبل، وعاشوا حالة إحباط مستمر وارتباك شديد وشعور بعدم الانتماء للإطار العسكري للميليشيا.
وفي المجمل، يمكن ربط حالات الانتحار والتهرب من التجنيد في صفوف قسد بالاعتداءات والجرائم التي ترتكبها الميليشيا بحق أبناء المحافظات الشرقية أو بحق مؤسسات الدولة السورية. فبعد كل اعتداء نلحظ ارتفاعاً بعدد العناصر الذين خضعوا لعلاج نفسي.
ويكشف هذا التشخيص عن لب الحقيقة التي يخفيها قادة الميليشيا الذين يزعمون أن المسببات الرئيسية التي تدفع العناصر للانتحار أو التهرب من التجنيد تعود إلى الضغوط النفسية، بينما الحقيقة تؤكد عكس ذلك وهي أن تنامي ظاهرة الانتحار والهروب من التجنيد في صفوف “قسد” يعود إلى الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها بحق الوطن شعباً وجيشاً ومقدرات ومؤسسات.
فقسد تفتقر للعقيدة القتالية التي تعدّ احدى أبرز الثغرات في هذه الميليشيا. وذلك لأن هذا العنصر يقاتل من أجل أهداف وغايات سياسية وشخصية تتعلق بمصالح غير وطنية، فهو عنصر يقبض أتعابه ومزود بالأسلحة الفتاكة، لكن تنقصه الروح الوطنية؛ لذلك عندما يجد نفسه متورطاً باعتداءات وجرائم ارتكبها قادته من ناحية، ويكتشف الزيف والتضليل بأسباب ارتكابها من ناحية أخرى، فإن الإحباط يتنامى في داخله ليتحول إلى يأس وقنوط.
وبما أنه يخشى من هكذا أفعال ولا يرى فيها جدوى، وأنه مجبر على مواصلة العمل في صفوف الميليشيا فإنه يتجه نحو الهروب الأبدي عبر الانتحار أو الهروب من التجنيد، الأمر الذي يدفع ميليشيا قسد إلى اختطاف الشبان سواء من داخل منازلهم أو من خلال القاء القبض عليهم لدى مرورهم على حواجزها.
ولا حل لهذه الظواهر إلا بإنهاء الاحتلال الأميركي وحل الميليشيا وعودة الجزيرة السورية وأبنائها الشرفاء ومقدراتها إلى حضن الوطن.