مبدع “المدرسة الدائرية” الفنان فداء منصور في حضرة الغياب!
غاب عن ساحة الفن التشكيلي السوري الأستاذ في معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية الفنان فداء منصور.
منصور من مواليد مدينة جبلة، تخرج في كلية الفنون الجميلة في دمشق عام 1999 وأكمل فيها الدراسات العليا حتى 2001 و حاصل على الجائزة الأولى في معرضي تحية لشهداء البرلمان، ومكافحة المخدرات وله العديد من المشاركات في معارض جماعية وفردية داخل سورية وأعماله مقتناة من قبل وزارات الثقافة و السياحة والتربية وضمن مجموعات خاصة.
الراحل منصور الذي أغنى مكتبة الفن التشكيلي السوري بأعماله المتنوعة حجز لنفسه مقعداً في الدرجة الأولى على مسرح الفن التشكيلي السوري، عبر مشاركاته الكثيرة والدائمة في المعارض المتنوعة، ومحاولاته الجادة في إغناء حركة التشكيل السوري عبر إطلاق “المدرسة الدائرية”.
وكان قد كتب قبل وفاته بأيام عبارة على صفحته الخاصة على«الفيس بوك» قال فيها: “لم تنتهِ المدارس الفنية بعد.. وما نقدمه امتداد للفن وجنونه.. مدرستي الفنية الخاصة “المدرسة الدائرية” والأصل الدائري للأشياء.. والتوضيح أكثر في معرض قريب”.
الأنثى منبع الجمال
الأنثى كانت هاجس فداء الأول ومنبع كل أشكال الجمال في لوحاته التصويرية، فلا تكاد لوحاته تخلو من عبور أنثى في هيئة أم أو حبيبة أو صديقة أو سنبلة حمراء أو راقصة أو حلم، فكان يستفيض بألوانه الصاخبة في التعبير عن خصوبتها الضاجة بالحياة، وعشقه لكل ما تمثله جسداً وروحاً وشعوراً كما ضمت أعماله عدداً كبيراً جداً من البورتريهات الشخصية.
المدرسة الدائرية
بدأ منصور تجربته الدائرية عام ٢٠١٩ وكان يسعى بكل ما أوتي من شغف إلى رفد الفن التشكيلي السوري بمدرسة أكاديمية تقوم على تحليل الخطوط الفنية وتكويناتها وإعادتها إلى أصلها الدائري كالشمس والقمر والأرض، وعمل جاهداً على البحث فيها للتأسيس لمدرسة فنية جديدة تعتمد على الخطوط، وقام منصور خلال تجربته بتحليل بعض اللوحات القديمة بمنطق المدرسة الدائرية مثل لوحة(الجوكندا) مستبعداً في أعماله الحديثة الخط المستقيم.
وعن منصور قال الفنان التشكيلي “خالد حجار”: «الفنان “فداء منصور” من الفنانين المهمين جداً في ساحة التشكيل السوري، من حيث العطاء المستمر والنشاط الدائم ومحبته للجميع، فهو فنان خلوق ومحب جداً، ملونٌ قويّ وله روح حاضرة في اللون، كما أنه اشتغل على مفهوم الدائرة في لوحته الفنية، وقد أبدع في تقديم مواضيعه الإنسانية من خلال هذا المحور، فكانت الدائرة هي الحامل لهذه الموضوعات على اختلافها، ومن هنا نجد بحثه العميق والمتواصل عن بصمة متميزة وعن هوية خاصة نورها لا يخطئ الطريق، كما أن اجتماع الموهبة مع الدراسة الأكاديمية لديه هو أمر مهم جداً، وذلك من خلال قدرة الفنان على التعامل مع عفوية العمل الفني النابعة من القلب والموهبة، ومزجها مع التحليل العقلي والأكاديمي لكل زاوية من لوحته، وبذلك يجتمع القلب وعفويته مع العقل الأكاديمي وموازنته، ومن هنا يكون تكامل العمل الفني لديه».
رسالته الفنية !
“الاتجاه التجريدي أو الطفولي العبثي الذي أنتجَه المحترفون بطريقة عبقرية، أصبح حجةً وذريعةً لارتكاب حماقات تشكيلية من قبل كثيرين، وبطريقة مزعجة للنظر، من دون أي دراسة للتكوين واللون وموسيقا اللون، والحقيقة -حسبما قال الراحل: أستغرب من بعض الصالات كيف تعرض مثل هذه التجارب العبثية كما قلت عنها، أو ما أحب تسميته بالهراء التشكيلي، لكنّني أهتم بالدرجة الأولى وفقط بما أقدمه، فأنا دائم السعي للعالمية ولرفع اسم بلدي “سورية” وهذه هي رسالتي.
سيبقى الفنان فداء منصور بحضوره الطيب وتواضعه وإبداعاته العظيمة خالداً في قلوب أصدقائه وطلابه وكل محبيه.