«فقير وضرير ومعتّر».. كيف يمكن أن يجسد دور البطولة إلا في الأفلام والمسلسلات؟!.
استفهام مغلوط يحققه النص الحقيقي لفيلم «الكيت كات» والمطلوب فقط توسيع حدقة القلب والرؤية لانتهاز اللقطة واستخلاص الحكايا والعِبر من الشارع العام.. وفيلم «الكيت كات» خير مثال على إمكانية استخلاص الأبطال من يوميات حي على قيد الحياة.
«الكيت كات» كان تجسيداً واقعياً لشخصيات حقيقية تحولت لرواية ومن ثم لفيلم مصور، بقي خمس سنوات حبيس الدرج لكونه نصاً استثنائياً لا يقبل التصوير في الاستديو ويليق به حضور واقعي في المنطقة نفسها التي عاش فيها أبطال الرواية.. وتم الأمر وتحمّل الإنتاج نفقة التصوير لدرجة أن أغلب شخصياته الواقعية كانت موجودة بكادر الكاميرا ما عدا الشخصية الرئيسة التي استطاع محمود عبد العزيز تشخيصها بشكل باهر حمل فيه الفيلم على أكتافه على الرغم من كونه الشخص الوحيد العاجز واقعياً وهو المشخصاتي لظروف رجل ضرير..
كيف يمكن لمكفوف البصر أن يكون بطلاً بحق وكوميديانياً بأسلوب استثنائي؟.
إنه الحلم.. وعدم الرضا وعدم الاستسلام للعجز، ومقدرات لا محدودة لممثل عظيم, كفيف؛ نعم لكنه يحاول ويحلم ويقهر عجزه بكوميديا ملونة تجعل من المشاهد ساخراً حدّ الحيرة والتساؤل فيما إذا كان سبب ضحكه على النص الكوميدي أم على ذاته بشكل خاص… في الفيلم تضحك عليه ومعه وتتعاطف مع ظروفه، وتتحرش بأفكارك الخجلى الكامنة أياً كانت وتحوِّلها لأحلام عظيمة حتى لو وقفت وجهاً لوجه في مواجهة قدرات محدودة لتتحول ببساطة حوارياتها لملحمة (حوار وصراع) وأنت سيزيف العصر واستثنائي ظرف لن ينتهي ولن تتوقف في وجهه المحاولات.
إنه الشخص الحائر بين ما يريده و ما يعيشه على الواقع، تتحور لتكون فيها مأساة العجز مهزلة تضحك معها وعليها, وأنت شاهد عيان لكن بحدقة كفيف يعرف ماهية الألوان إن شاء.
هامش: تاجر المخدرات الحقيقي طالب شركة الإنتاج بمبلغ من المال حق استغلال اسمه في الفيلم وبعد وفاة زوجته أطلق لحيته وبدأ يجوب حواري إمبابة والكيت الكات لدعوة الناس لصلاة الفجر, وما إن تبدأ الصلاة يلوذ هارباً لبيته ينام.
إنها سنّة الحياة، احذر تفاصيلها لو كان في شارعكم أديب أو صحفي يقص يوماً حكايا ويوميات تكون فيها بطلاً أو كومبارساً على آخر هالزمان.