مبدع مسلسلات البيئة الشامية.. وداعاً
نعت نقابة الفنانين صباح اليوم المخرج السوري الكبير بسام الملا الذي برز في برامج المنوعات وأخرج العديد من المسلسلات الدرامية من البيئة الشامية، وقد اكتسب الراحل بسام الملا خبراته الفنية من العمل التقني في التلفزيون السوري، واتجه لإخراج البرامج التلفزيونية سنة (1977)، وبين عامي (1979) و (1987) عمل مخرجاً مساعداً ومنفذاً في العديد من الأعمال الدرامية، خاصّة مع المخرج علاء الدين كوكش خلال ثمانينيات القرن الماضي، ثم برز في مجال برامج المنوعات، وكان “الخشخاش” أول مسلسل تلفزيوني حمل توقيعه كمخرج في العام (1991).
ومن أبرز الأعمال التي أخرجها للتلفزيون 1991 الخشخاش و 1992 كان يامكان ج1 و أيام شامية عام 1996 والعبابيد عام 2000 والخوالي 2004، وليالي الصالحية عام 2006 وباب الحارة بأجزائه الخمسة الأوائل.
حصدت أعمال بسام الملا العديد من الجوائز كالجائزة الذهبية في مهرجان القاهرة عن مسلسلي “أيام شامية” و”العبابيد”، وجائزة أحسن إخراج عن الجزء الأول من مسلسل “باب الحارة” في مهرجان التلفزيون العربي بتونس عام (2007)، وسواها من الجوائز عن برامج المنوعات والبرامج الثقافية التي أخرجها.
مخرج باب الحارة كان يقول لمنتقدي أعمال البيئة الشامية أنتم لا تعرفون دمشق والثقافة الشعبية ليست تخلفاً، ومع كل عمل جديد كان يقدمه الراحل المخرج السوري بسام الملا، كانت تثار الأسئلة حول طبيعة قراءته لواقع الحارة الدمشقية والصورة التي يقدمها عنها، وسر جماهيرية الأعمال البسيطة التي تحظى بإعجاب الملايين من المشاهدين وتحقق أعلى نسب المتابعة بالنسبة لجمهور التلفزيون.
لكن وبعد عرض الجزء الثاني من (باب الحارة) تحول النجاح الفني إلى نجاح مدوٍ هو أقرب إلى ظاهرة اجتماعية وتخطت الحواجز، فعبرت إلي المغتربين العرب في المهاجر شرقاً وغرباً، وصار النجاح لغزاً، وصار الإقبال على العمل واسعاً وصارت سلوكيات وقيم شخصياته أيديولوجيا.. وصارت محاولة تفسيره ظاهرة تسترعي الكتاب وكان الراحل يؤكد لمحبيه أن نجاح (باب الحارة) ليس نجاحاً عادياً، بمعنى أنه لا يرتكز على معطيات وأسباب فنية فقط، بل يتعداها إلى معطيات اجتماعية وسياسية لها علاقة بتوقيت العرض، والمزاج الشعبي العام.. هذا المزاج الذي رأى في (باب الحارة) تجسيداً لقيم أصيلة ونبيلة مازالت تجد صدى لديه، ويبدو أنها لامست وجدانه ببساطة وصدق.
رحم الله الراحل المخرج السوري البدع بسام الملا الذي ترك فراغاً من الصعب أن يملأ بهذا الزخم من البساطة والإبداع..