الاتجاه الصحيح

بمعزل عن التوقيت وعما سببه التأخير، فأن تصل متأخراً خيٌر من ألا تصل.
ما وجدناه في الفترة الأخيرة هو الخيار السليم لواقع صعب تشابكت أسبابه، والخيار هو ما تكرر عبر أغلب الأقلام: الإنتاج هو الأساس والعودة لتحقيق الأمن الغذائي والذي كنا نفتخر ونتفاخر به بعد حصار الثمانينيات وبعد الثورة الصانعة له عبر استصلاح أراضٍ وسدود وخطوط ري وتأمين دائم لمستلزمات الإنتاج وإعطاء دور فاعل ومسهّل للمنظمات وخاصة اتحاد الفلاحين وتضامن وتكافل كل الطاقات المنوط بها أسس ركائز، أوصلتنا لأمن غذائي وتنوع فائض من القمح الذي كان مساراً مفاجئاً وصعّب الخيارات للدول الاستعمارية، والقطن والشوندر السكري وتزامنها مع معامل لصناعات غذائية متميزة حققت اكتفاء ذاتياً وتصديراً لمنتجات متميزة.
ولكن التخبط بالخطط والتضخم وتراجع دور المنظمات أسس لتراجع مخيف بالأمن الغذائي من القمح إلى القطن وإلى ندرة الشوندر السكري، وصعوبات يعانيها المزارعون قد تنعكس على تجديد المحاصيل وهو ما وجدناه بمعاناة متجددة لمزارعي الحمضيات وقبلها الزراعات المحمية.
ولكن ما أعاد الأمل نشاط وزارة الزراعة بدراسة حقلية لمسببات انخفاض إنتاج القمح ومحاولة آنية لتذليل الصعوبات وتشجيع المزارعين وهو ما وجدناه، ونتمنى استمراره بالاتجاهين الأفقي والعمودي، وتلا هذا النشاط التوجيه الرئاسي في وقته لإنقاذ مزارعي الحمضيات وإيجاد الحلول وتأمين كل الشروط، وذلك بعد مناشدات وحوارات وتحقيقات من الحزب والاتحاد والمنظمات والصحافة الاستقصائية لم تُسمع وإنما كان هناك تكذيب وتمييع حتى جاء النشاط الأخير والذي أتى بالعلاج خلال يوم بتعاون وتكامل عدة وزارات لتأمين التسويق المساعد للمزارع والموسع للتسويق عبر أسعار مناسبة مع تأمين وسائط النقل والعبوات، ما أعطى أملاً بعد قنوط ويأس وخوف من إهمال نتيجة الخسائر يتبع بعدم الاهتمام وتغيير الزراعة وعلى الرغم من التأخير والخسائر، ولكنه العمل الموجه الذي أعطى الأمل والذي سيتكرس بالاستمرار بالعمل الجاد المسوّق للإنتاج والفاتح لأسواق خارجية والدارس والمقدر لها والداعم لهذا المحصول وللمزارع مالياً ومعنوياً..
ولا نتائج ملموسة من دون استمرار ومتابعة دقيقة عبر تقارير يومية وانعكاسات التجربة من كافة نواحيها، وهاتان المبادرتان الإيجابيتان أعطتا الأمل في ظل الظروف الصعبة والإرهاب الاقتصادي والعقوبات والخنق ولتؤكد أن الاعتماد على الذات في إعادة الأمن الغذائي وتذليل صعوبات الزراعة حصن لمواجهة الحرب الإرهابية، ولو جاءت متأخرة فهي تباشير خير.
ولا ننسى منع تصدير الكثير من المنتجات ومنها زيت الزيتون، الذي حلق إلى أسعار خيالية نتيجة أعمال غير مشرعنة ومنها الاحتكار وغيره.
وهذا القرار تأخر بالنسبة لمناطق جغرافية كثيرة، حيث جُني المحصول وفرضت الأسعار.
المهم ما وجدناه خطوات جادة صائبة بالاتجاه الصحيح لتأمين الاكتفاء الذاتي وعودة الفوائض للتصدير أو للتصنيع وهو يسهل الحلول ويسرع بالتعافي ويزيد الأمل..
أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي..
لا نعرف الأسباب والمبررات، ولكن التوقيت المناسب ركيزة لمعالجة المشكلات وحل الأسباب قبل تحولها إلى جذور مشكلات معقدة..

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار