يحملون شهادات عليا ويعملون في خدمة “الأراكيل” وهم فخورون بعملهم

دُعيت مساءً إلى أحد مطاعم دمشق، فكانت الطاولات جميعها ممتلئة ولا مكان لأحد، وعندما جلسنا سألت أحد الزبائن : ما قصة هذا الازدحام والناس تشكو القلّة؟ فأجابني باختصار: الخدمة هنا ممتازة.
نظرت حولي فشاهدت كوكبة من الشباب بالشكل واللباس نفسهما، يحومون من طاولة لأخرى بابتسامات وحيوية وتلبية سريعة، فدعاني فضولي الإعلامي لأتعرف إليهم وعلى ظروفهم وخبرتهم في العمل.. وهنا كانت الصدمة!
لقد كان جميع من يعمل في المطعم (ليسوا جراسين)، أو (صبيان أراكيل)، بل طلاب دراسات عليا في الماجستير والدكتوراه والصيدلة، واحدهم معاون لمدير في احدى الوزارات.
وعند السؤال: ما الذي ساقهم إلى هذا العمل؟ قالوا: الظروف المعيشية اليوم والغلاء المتزايد، تجعلنا نبحث عن عمل إضافي، نحتاجه بعد الدوام الفعلي، ويكون ذا دخل جيد، فوجدنا غايتنا في المطاعم من خلال الراتب الشهري والإكراميات وفي المأكل والمشرب، وسعداء جداً في هذا العمل والتعامل معنا باحترام ومحبة بعيداً عن الحرام والفساد.
وسألناهم إن كان هذا الأمر يحرجهم بحكم دراستهم وشهاداتهم ومواقعهم؟ فكانت الإجابات مثيرة للإعجاب وتدل على هذه البيئة الرائعة التي يتمتع بها السوريون جميعاً ألا وهي: شبابنا..لا يستسلمون !! والأغرب من ذلك حين طلبت منهم أن أنشر هذه الواقعة لكي يتابعها قراؤنا وتكون قدوة رائعة لشبابنا، رحبوا كثيراً، ولم يعترضوا قط، بل حتى طلبوا أن أنشر صورهم وأن يراها الجميع.
– الشاب آزاد ر: خريج إرشاد نفسي، حصلت على شهادة دبلوم بهذا الفرع، وماجستير في الدراسات السكانية وأحضّر لرسالة الدكتوراه قريباً إن شاء الله، وأنا غير موظف، وأعمل في هذا المطعم بالأراكيل لأنني أحقق من خلالها دخلاً أفضل بكثير من الراتب المقطوع، أما عن دراستي، فعندما أحصل على الدكتوراه سأبرمج لحياتي مساراً أستفيد فيه من دراستي لأخدم فيه أبناء بلدي.
– الشاب فادي ر : معاون مدير في إحدى الوزارات- حاصل على شهادة تجارة واقتصاد ومعهد صناعات تطبيقية – وأعمل بالأراكيل أيضاً، سعيد جداً بعملي وأفتخر، وحتى من رآني من معارفي وأصدقائي أعامله بكل لطافة واحترام، ولا أشعر أن هذا الأمر ينقص من قيمتي ومكاني ما دمت أعمل بتعبي وعرق جبيني، وحتى سيارتي الحكومية بعملي هذا لا أستخدمها، بل أتركها مركونة للعمل المخصص بها والتي استلمتها من أجله.. حتى يبارك الله في رزقنا!.
– سومر ب : حاصل على شهادة معلم صف، ويعمل في المطبخ.
– الشاب طارق خ – حاصل على شهادة معهد صحي وصيدلة منذ عام 2007 وهو حالياً يعمل في الأراكيل.
– الشاب تمام ح – موظف في مصفاة حمص ويدرس في كلية الحقوق ويطمح للحصول على شهادة الدكتوراه بالقانون.
هذا غيض من فيض مما استلهمناه من هذه الفئة الرائعة، والذين يعكسون بشكل أو بآخر أن شبابنا قوي يستطيع أن يتغلب على كل الظروف بخبرته وتواضعه، وقوته الفائقة على التأقلم حتى يستطيع أن يكفي حاجته ورغبات أسرته بعيداً عن المال الحرام.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا