الحظ -في زمن ما- بفرعيه الجيد أو السيئ، أو ربما الظروف جعلت من شاب مثقف وخريج جامعة فرداً في عصابة كبيرة تسترزق بسرقة أموال الناس الميسورة وسياراتهم الفارهة، وكان زعيمها أكبر نصاب ومحتال بين أقرانه ممن امتهنوا عالم الجريمة، لكنه كان جاهلاً بالعلوم الميتافيزيقية وبالكاد يفك الخط ، وصار إن استهدفت تلك العصابة بنكاً كبيراً في المدينة, وسرقوا منه أموالاً كثيرة حملوها وضبوها في «طبون» السيارة واستطاعوا الهرب إلى وكر بعيد عن أعين الشرطة والبنايات المأهولة، إلا أن الوكر كان مجهزاً تماماً لاستقبال أفراد العصابة بعد عملية بهذا الحجم.
الشاب المثقف حاول أن« يتفهمن»على زعيمه وأن يخبره بما عليهم فعله من عدّ النقود واحتساب حصة كل فرد: «خرطش» ورفع فرده, وملأ كيسه برزم خزنة البنك، إلا أن الزعيم «طرنب» عليه ورد عليه بتعجرف العارف الذي لم يتحصل على الشهادات العلمية, وقال: افتح التلفاز ومن نشرات الأخبار نعرف القيمة الحقيقية لما سرقناه.!
في المقابل، كان مدير البنك يجتمع مع محاسبه يتفاهمان فيما سيقولانه لعناصر الشرطة المنتشرة من الباب لمحراب البنك، فالفرصة ذهبية وعليهما اقتناصها خير قنص، وبالفعل اتفق المدير مع موظفه على مضاعفة الرقم المسروق والنوح أمامهم نواحاً يليق بأصفار بنكية ستعود لجيب مدير البنك المتأنق ومحاسبه «اللهلوب».. وبالفعل في أول نشرة إخبارية وعلى شريطها العاجل كان الخبر الذي صعق أمامه زعيم العصابة وفريقه المكلوم الذي حضر وخطط ونفذ العملية وباتوا كالمجانين يعدون للمرة الألف النقود ويتفقدون السيارة لعلّ رزم النقود المزعومة تكون موجودة في «الطبون»، لأن صوت المذيع مازال مسموعاً وهو ينوه بأمر القبض عليهم واحتجازهم في سجن مشروع لطالما سرقوا خزينة بنك يترأسه مدير متأنق يشرب الغليون ويعلّق على جدار مكتبه لوحات سريالية وشهادات علمية تفوق، بسنين، خبرة مجموعة لصوص أوقعهم الحظ العاثر بخزنة لصوص يتمنطقون ويهذبون عملهم أمام زبائنهم بكلام معسول عن أمانة بنكية تخدم كل زبون.. وتغير من قناعة أكبر لص بأن اللصوصية لا تحتاج إلا نية إجرامية ودعاية إعلانية تبعد عنك الشبهات وتقرب اللصوص الهواة من مضمار جريمتك وأنت الواثق بعدالة قانون الغليون.