قصة محطة محردة التي تعمل بنحو 20% من طاقتها

قال مدير محطة توليد الطاقة الكهربائية في محردة المهندس علي هيفا لـ«تشرين»: إنه لو كانت هناك وفرة في الطاقة الكهربائية تغطي حاجة الشبكة والمواطنين، لكان من المفروض عدم تشغيل محطة توليد محردة بسبب وضعها الفني المتدني.
ونتيجة تهالكها وانتهاء عمرها منذ زمن، وحاجتها الماسة لإعادة التأهيل، لكن حاجة الشبكة لكل كيلو واط ساعي يفرض إبقاءها في الخدمة بحمولات متدنية وحسب وضعها الفني الراهن.
وبيّن هيفا أنها كانت تغطي نحو ٧ % من حاجة القطر قبل الأزمة، ولكن بسبب الحاجة لكل كيلو واط ساعي فرض تشغيلها بنسبة لا تتجاوز 15- 20% من استطاعتها الاسمية وبما لا يتجاوز 90 ميغا واط.
و في سنوات الحرب تعرضت لمئات القذائف التي أطلقتها العصابات الإرهابية التي استولت على المناطق المجاورة للمحطة، وكادت أن تدمرها بشكل كامل مرات عديدة ولكن استطاع عمال الشركة الوطنيون مع قوات الجيش العربي السوري والقوى الرديفة حماية الشركة من الدمار، برغم إلحاق ضرر كبير بتجهيزاتها وتدمير جزء منها من ضمنها خزانات المازوت وبعض خزانات الفيول وتجهيزات رئيسة أخرى، وأصبحت الحاجة ماسة لإعادة تأهيلها.
وبيّن هيفا أن مشروع استبدال مجموعاتها القديمة بأخرى أحدث واستطاعات أكبر كان قائماً قبل الحرب حيث كان مخططاً تركيب ٤ مجموعات باستطاعة ٣٠٠ ميغا واط لكل مجموعة بدلاً من المجموعات القديمة، ولكن هذا الأمر توقف خلال الحرب لنقص السيولة من جهة، ولعدم وجود الأمان في المنطقة من جهة ثانية، حيث كان آخر هجوم على المحطة في ٢٠ كانون ثاني عام ٢٠٢٠ بطائرة مسيرة، وهكذا أصبحت المحطة شبه منهارة وعمرها منتهياً منذ زمن.
وبيّن أن الجهود التي يبذلها عمال الشركة خارقة برغم خسارة الشركة لأكثر من ٨٥ % من خبراتها الفنية المدربة على أيدي الخبراء الأجانب نتيجة خروجهم إلى التقاعد أو تركهم العمل أثناء الأزمة.
وبيّن أن سبب عدم توافر قطع التبديل هو نتيجة إحجام الشركات الأوروبية المصنعة عن المساعدة في تأمينها، لالتزامها بقرار الحصار المفروض على سورية منذ عام ٢٠٠٥، وبالتالي عدم القدرة على إجراء العمرات الشاملة وإعادة التأهيل في حينه ما ترك آثاره بشكل كبير على الوضع الفني للشركة، مشيرين إلى أنه حالياً خلال النصف الثاني من هذا العام تم إبرام عقد لإعادة تأهيل المحطة مع شركة بيمانير الإيرانية بقيمة ٩٩ مليوناً و٥٠٠ ألف يورو إلا أنه لم يوضع قيد التنفيذ حتى الآن بسبب عم تأمين التمويل اللازم.
وتسعى وزارة الكهرباء والمؤسسة العامة لتوليد الكهرباء جاهدة مع رئاسة الوزراء لتأمين التمويل اللازم لإعادة تأهيل محطة توليد محردة وبقية محطات التوليد الحرارية الأخرى لكونها جميعها تحتاج صيانات عامة، وإعادة تأهيل بتكاليف تقدر بمئات الملايين من الدولارات وأكثر، لتأمين الطاقة الكهربائية اللازمة بشكل مستقر ريثما يتعافى القطر وتعود ثرواته، والعودة لبناء محطات التوليد الحرارية الجديدة، بما يتناسب مع حاجة القطر والنمو السكاني والاقتصادي.
وأضاف هيفا: إن نسبة الزيادة السنوية للطاقة الكهربائية كانت قبل الأزمة تتراوح بين ٥ -٧% أي كانت الشبكة بحاجة سنوياً لمحطة توليد جديدة، وكان من المفروض أن تكون الاستطاعة المركبة حالياً أكثر من ١٦٠٠٠ ميغا واط، ولكن هذه الحرب التي فرضت على سورية خرّبت وجمّدت كل خطط التنمية السنوية، ودمرت وألحقت أذى كبيراً بمحطات التوليد القائمة إضافة إلى التدني الكبير في إنتاج حوامل الطاقة اللازمة لعمل محطات التوليد نتيجة احتلال منابع النفط وآبار الغاز من قبل الاحتلال الأمريكي وعملائه، حيث كانت الاستطاعة المركبة في سورية قبل الأزمة ٩٥٠٠ ميغا واط، وكانت هناك حاجة يومية لحوالي ٢١ مليون متر مكعب غاز و١٥٠٠٠ طن فيول، أما الآن فليس هناك متاح أكثر من ٨ ملايين متر مكعب غاز وحوالي ٥٠٠٠ طن فيول يومياً، مع توقف محطات التوليد الكهرومائية – المركبة على مجرى نهر الفرات والتي استطاعتها بحدود ١٥٥٠ ميغا واط – من تزويد الشبكة لكونها تحت سيطرة «قسد» مع تدني إنتاجها بسبب انخفاض الوارد المائي إلى حدوده الدنيا.
وبيّن هيفا أن من المشاكل التي تعترض عمل الشركة؛ إحجام العديد من المهندسين المفرزين الالتحاق بالعمل، وزيادة نسبة عدد المهندسات مقارنة بعدد المهندسين لكون طبيعة العمل في الشركة تحتاج مهندسين ذكوراً إضافة لضرورة عودة الالتزام بتعيين خريجي المعاهد التابعة لوزارة الكهرباء وخاصة الذكور منهم، لتأمين الكادر الفني المختص بأعمال التشغيل والصيانة، إضافة لضرورة أخذ طلبات التمديد لمن يرغب من العمال المدربين في الحسبان والموافقة لهم بالرغم من قلة عددهم لكون الخبرات المتراكمة لديهم ثروة يجب عدم التفريط بها في الظروف الحالية .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار