خلال جولته الأخيرة في إفريقيا، أقر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في خطاب ألقاه في العاصمة النيجيرية أبوجا، بأن الاستثمارات الصينية في إفريقيا والتجارة الإفريقية مع الصين ضخمة، ولكن الوزير الأمريكي تحدث أيضاً خلال جولته الأخيرة في إفريقيا عن الحجج الغربية المعتادة حول ما يسمى بـ”فخ الديون الصينية” ضد الدول الإفريقية مشدداً على أنه “لا ينبغي ترك البلدان الإفريقية تحت وطأة ديون ضخمة لا يمكن سدادها”.
جاء هذا في مقال نشره موقع “غلوبال ريسيرش” الذي أكد أن إفريقيا تمكنت بمساعدة الصين من التغلب على الفقر تدريجياً، وبناء البنية التحتية اللازمة للمواصلات والتحول إلى “مصنع العالم”، فالصين تأخذ البرامج طويلة الأجل والصناعة والتنمية الزراعية على محمل الجد، وتستغل الموارد الطبيعية فيما يحقق صالحها العام وصالح الاقتصادات المحلية كذلك الأمر، وفي ظل هذه الظروف، تعترف الولايات المتحدة على مضض بأنها لم تعد القوة البارزة في العالم وعليها أن تقبل أهمية الصين فيما يتعلق بإفريقيا.
أما بالنسبة لنظرية “مصيدة الديون”، فقد أكد المقال أنها محض نفاق خاصة وأن الاقتصاد الأمريكي نفسه ينمو فقط بسبب التراكم الهائل للديون! ومن الواضح أن زيارة بلينكن الأولى لإفريقيا كوزير للخارجية كانت تهدف إلى تحديد بصمة الوجود الأمريكي في القارة بعد أن تجاهلتها إدارة ترامب .
ولفت المقال إلى أن الغرض الآخر من رحلة بلينكن هو التنافس مع الصين على النفوذ، وهي مهمة تبدو مستحيلة، ففي مؤشرات لها رمزيتها مر موكب وزير الخارجية الأمريكي، عند الوصول إلى أبوجا، بمقر غرفة التجارة الصينية العملاق في نيجيريا، ثم في رحلته إلى كينيا، تجاوز موكبه طريقاً سريعاً قيد الإنشاء تموله الصين، كما عقد بلينكن مؤتمره الصحفي في فندق يضم مكتب غرفة التجارة الكينية- الصينية، خلاصة القول إن رحلة بلينكن إلى إفريقيا مليئة بالإشارات الواضحة على نفوذ بكين المتزايد في القارة وتضاؤل نفوذ واشنطن.
ورأى المقال أن تضاؤل نفوذ واشنطن في إفريقيا كان باختيار واشنطن نفسها، حيث أقر بلينكن في أبوجا بأن الولايات المتحدة “لم تعامل الدول الإفريقية أحيانا كثيرة كشركاء على قدم المساواة، بل كشركاء ثانويين أو حتى أسوأ من ذلك” مضيفاً: “الولايات المتحدة تعتقد اعتقاداً راسخاً أن الوقت قد حان للتوقف عن التعامل مع إفريقيا كموضوع جيوسياسي والبدء في التعامل معها باعتبارها اللاعب الجيوسياسي الرئيسي الذي أصبحت عليه”.
وأضاف المقال: متجاهلاً أهمية الدور الذي تؤديه بكين في إفريقيا، فإن بلينكن لا يزال يحاول تحويل الدول الإفريقية نحو الولايات المتحدة على خلفية الوعود التي أطلقتها الأخيرة بالفعل منذ عقود عديدة، ولكن بالنظر إلى الدور التقليدي الذي تلعبه واشنطن وبكين هناك، يتضح عدم استعداد الدول الإفريقية لإبعاد الاستثمارات والفرص عن الصين من أجل إرضاء الولايات المتحدة، لذا يمكن القول إنه من المستحيل أن تحل واشنطن محل بكين كمصدر رئيسي للاستثمار والتنمية في إفريقيا.