إعلامي «ما شافش حاجة»!

الفنان عادل إمام في مسرحية «شاهد ما شفش حاجه» يقول للقاضي: «عارف آخر نفق العباسية؟ القاضي يرد: أيوا عارفه، عادل إمام: في واحد بتاع عصير! القاضي: أيوا مالو؟ عادل إمام يرد: وحِش متبئاش تشرب منّو».
الحوار عادي في مسرحية أثبتت رغم التقادم الزمني لنجاحها أنها لم تكن قطّ مسرحية عادية! هذا الحوار البسيط، الذي يستحوذ على إشارة من الفنان عادل إمام لمحل عصير كان موجوداً بالفعل في آخر نفق العباسية بـ«صيته» سيئ السمعة، وبعد نجاح المسرحية الجماهيري الاستثنائي وحجم انتشارها الذي فاق تصور كاتب النص والمخرج والممثلين، ضايق صاحب المحل، وقضّ مضجع قصبه السيئ الصيت إلى حد التفكير برفع قضية على المسرحية صاحبة المحتوى القضائي والمعنونة بـ«شاهد ما شافش حاجه» التي جعلت من فضيحته على كل لسان مصري وعربي.. وأفضت بظروفها الاستثنائية برد فعل شعبي استثنائي جعلت من محل عصير القصب الذي كان على شفا الإفلاس وإغلاق المحل مقصداً لعدد كبير من الزبائن جاؤوا إليه من كل حدب ونفق وصوب لتأكيد ما قاله عادل إمام بالمذاق السيئ للعصير، وصار ما لم يخطر ببال صاحب المحل يوماً، ومع ازدياد عدد الذواقة للحوار المسرحي زاد الطلب على العصير وفاض المال في الدرج، وصار من اللازم افتتاح فروع جديدة للعصير السيئ المطلوب جماهيرياً والفلوس التي تحتاج إلى أدراج إضافية.
الظاهرة لا تحتاج أبداً إلى شرح وتحليل وإسقاطات نظريات اقتصادية عميقة أو مكاشفات إيديولوجية، القصة باختصار حكاية إعلان ودعاية عكسية كلها بالمجان لمجرد لفظ اسم المحل الغلط في المكان والزمان الصح، ومن قبل فنان بحجم عادل إمام.
الحكاية معروفة وغرّد بها المغردون أيام الأبيض والأسود قبل «التويتر» و«الإنستا» و«الفيسبوك»، إلا أن المغزى عميق حدّ الاستعانة به بقص الدروس والعبر لكل من امتهن الإعلام، ولا أقصد هنا الإعلام المقونن بل ما يسمى “إعلام المواطن” الذي صار بقدرة شاشة إلكترونية وكبسة مفتاح (Enter) إعلامياً على مواقع التواصل الاجتماعي!.
لذلك لتكن منشوراتنا وضجيج افتراضنا مسؤولة وصاحبة جدوى، ولنغربل ما استطعنا لذلك سبيلاً كل ما هو أحمق، ولنمتنع عن التصفيق والتهليل لكل هرطقات الحمقى والجهلة في وسائل التواصل الاجتماعي بعدم استسهال القص واللصق لتفاهات يمكن أن تتحور ساعة غفلة لتصير «تريند» بفعل مجاني قدمناه بحوارٍ يحاكي حوار الرجل البسيط «سرحان عبد البصير»!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار