نحو الإنتاج التكاملي

إعفاء المواد الأولية المستوردة كمدخلات للصناعة المحلية والخاضعة لرسم جمركي (واحد بالمئة) من الرسوم الجمركية المحددة في جدول التعرفة الجمركية، وإعفاؤها أيضاً من الضرائب والرسوم الأخرى المفروضة على الاستيراد.. قانون صدر أمس، وقبله العديد من القرارات التي منعت استيراد سلع أجنبية مماثلة لما تنتجه المعامل الوطنية، وما واكبها من إجراءات دعم لحوامل الطاقة والإنتاج ومن تسهيلات في منح القروض الصناعية، وإعفاءات ضريبية تشجع على الاستثمار في كل القطاعات.. إلخ، كلها ميزات لا بد أن يتلقفها الصناعي بيد وعين الرضا، ويباشر باستغلالها في زيادة الإنتاج وتنويع مصادره، والأهم توسيع سلته بأقل التكاليف والأسعار، لتكون الفائدة مشتركة للمنتج والمستهلك، وتحقيق إيرادات ترفد الخزينة العامة بالعملة المحلية والقطع الأجنبي الذي سيتم جلبه بعد تصدير الفائض من هذه المنتجات إلى الأسواق العربية وربما الآسيوية والعالمية، إذا ما تمت الاستفادة من هذه القوانين والإجراءات والقرارات على النحو الأمثل.
والاستفادة من هذه التشريعات لا تكون بالتصريحات وعقد الاجتماعات، ولا بتعطيل التعليمات التنفيذية، ولا بتثقيل كفة الإنتاج الصناعي العام على حساب الخاص أو بالعكس، بل بتحقيق التكاملية بين إنتاج القطاعين مع القليل من التنافسية والمنافسة لتحسين النوعية وصولاً إلى تحقيق مواصفات الجودة وبأسعار منخفضة تناسب ذوي الدخل المحدود.
وعلينا ألّا ننسى أن الصناعة لا تقوم على مدخلات الإنتاج المستوردة، بل لابد من التحول رويداً رويداً نحو توفير مواد أولية محلية تحل بعد فترة غير طويلة محل المستوردات درءاً للإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية والتزاماً بشعار «صنع في سورية» ليكون المنتج الوطني 100 بالمئة من خيرات بلادي.
وفي السياق ذاته لابد من توفير الدعم الحقيقي والكافي للمحاصيل الزراعية، ما سمي استراتيجياً منها أو بقي خارج هذا التصنيف، نظراً لأهمية هذا القطاع في إيجاد ماركات عالمية للصناعات الغذائية السورية لكون الكثير من إنتاجنا الزراعي خالياً من بقايا المبيدات وعضوي التغذية ما يجعل مواصفاته فريدة، ومستهلكه ينتظر قدومه إلى سوقه المحلية ليختاره من بين آلاف المنتجات المشابهة، ولنا في هذا المجال الإشارة إلى عشرات الشركات السورية ـ من دون ذكر أسماء ـ التي تعد ماركات عالمية تدخل منتجاتها إلى أسواق عشرات الدول من دون منازع ولا منافس.