غير مقنعة.. !
لماذا تتعمد بعض المؤسسات تشويه سمعتها وإضعاف ثقة المواطنين بها، وتالياً عدم تصديقها في كل ما يصدر عنها وما تنتجه من سلع أو خدمات، مع إن المطلوب قانونياً وأخلاقياً عكس ذلك تماماً؟.
في السنوات الماضية كانت (ذريعة) التكاليف المرتفعة (مقنعة) نوعاً ما عند رفع سعر مادة مستوردة بسبب ارتفاع سعر الصرف آنذاك، أما اليوم وبعد استقرار سعر الصرف فلم تعد هذه (الذريعة) واردة، ما اضطر الجهات المصدرة لقرارات (تعديل) الأسعار تبدع مبررات أخرى أثناء إعداد هذه القرارات، عبر ربط السعر الجديد بإمكانية توفير السلعة بكميات تكفي الجميع، وتقصّر فترة انتظار رسالة استلام المادة عبر البطاقة الإلكترونية، والأهم التسويق لفكرة إغلاق السوق السوداء التي نشأت من جراء شح تلك السلعة.
بالعرف التجاري هناك مؤشرات لغلاء مادة منتجة محلياً أو مستوردة أولها ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج أو سعر الصرف، وثانيها قلة المادة في الأسواق.. ونظراً لانتفاء السبب الأول في الوقت الراهن، كان لابدّ لوزارة التجارة الداخلية من الاتكال على السبب الثاني لرفع سعر المازوت الصناعي، وقبله أسطوانة الغاز المباعة خارج البطاقة الإلكترونية، وما سيلحقهما من قرارات على المنوال ذاته، مادام الطريق سالكاً لتمرير قرارات من هذا النوع، والاختناقات قائمة لمحاصرة مواد أخرى غير متوافرة بالكميات الكافية لجميع المستهلكين و(طوابير) الانتظار شاهد عيان على ذلك.
وبالعرف التجاري أيضاً.. من واجب الوزارة توفير المواد الأساسية في الأسواق بالكميات التي تحقق معادلة (العرض والطلب)؛ ومعلوم أنه في حال اختل ميزان هذه المعادلة لمصلحة (الطلب) على حساب (العرض) عندها لا يمكن للقرارات السعرية مهما كان نوعها أو حجمها أن تحقق استقراراً في سعر المادة القليلة في السوق، والحل الوحيد هنا ليس رفع السعر لتوفير المادة، وإنما طرح كميات إضافية من المادة لتخفيض السعر أو استقراره، وفي جميع الأحوال هذه الإجراءات من صلب مهام (التجارة الداخلية)، أما إذا تم توفير المادة بعد صدور قرار السعر الجديد فهذا دليل على احتكار المادة لغاية رفع سعرها، وليس لتوفيرها، لكن الطامة الكبرى هي أن يتم رفع السعر، ولم يتم توفير المادة؛ فعنده يكون القرار الصادر مدعاةً لمزيد من تراجع ثقة المواطنين بهذه المؤسسة العامة، ودافعاً جديداً لاتساع انتشار الأسواق السوداء، وبأسعار مضاعفة.