عقم تسويقي ..!
يبدو أن بعض مؤسساتنا وصلت إلى حالة من العجز الإداري والفكري لدرجة فقدت فيها بوصلة التوجه نحو إنضاج فكرة تسويقية أو فنية أو خدمية تفيد المجتمع بأسلوب حضاري وقانوني معاً، وما يجري حالياً في منافذ بيع المؤسسة السورية للتجارة أسوأ مثال على هذا العقم الإداري الذي أدى إلى استخدام السلاح الأبيض والأسود من قبل بعض المواطنين المتزاحمين لأجل الحصول على ثلاثة كيلوغرامات سكر وبضعة غرامات من الشاي وعدة عبوات من المياه المعبأة ..
لا شك في أن بعض التجار بالغوا في غيهم السعري ووصلوا بجشعهم واستغلالهم واحتكارهم حداً لم يعد ينفع معه القانون ولا الجهات القائمة على تنفيذه، وبات من الضروري رفع سقف العقوبة في التعامل معهم؛ وجرّ المخالفين موجوداً إلى خلف القضبان، ولا أقصد هنا بائعي المفرق وأصحاب البسطات في الشوارع والحارات ، بل الرؤوس الكبيرة من حيتان الاحتكار والمتحكمين بمعظم مجريات السوق ومواده من الإبرة إلى السكر والأرز، لأنه بغير هذا الإجراء الحاسم لن يستقيم السوق ولن تنخفض الأسعار وربما يتطور الوضع إلى أن يتحول عملنا اليومي إلى رحلة البحث عن المادة الغذائية الصالحة للاستهلاك البشري بدل الرخيصة، خاصة بعد الأخبار التي كثرت هذه الأيام والمتضمنة معلومات عن ضبط معامل تنتج أطناناً من المواد الغذائية الفاسدة يومياً.
قرار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالرد على تجار الأزمات بالأسلوب ذاته لن يجدي نفعاً.. الاحتكار لا يواجه بالاحتكار؛ والغلاء لا يكافح بالتخلي عن جزء من الأرباح؛ وقلة المواد في الأسواق لا تحل بتوفيرها في منافذ بيع «السورية للتجارة». فقط؛ العمل التجاري يجب أن يكون شاملاً ومتكاملاً وعلى كامل الجغرافيا السورية، وفيما عدا ذلك يتحول اسم هذه الوزارة ووظيفتها إلى «وزارة السورية للتجارة» وتصبح إدارة شؤون التجارة الداخلية بيد التجار وحدهم.. مع إن هذا ما يحصل منذ سنوات.. حتى وصلنا إلى هذا الواقع المزري في أسواقنا المحلية من مخالفات ترقى إلى مرتبة “الجرائم” بحق المستهلكين.
إن ما تقوم به «السورية للتجارة» حالياً يندرج في خانة «الكحل أفضل من العمى» لكن باعتقادي لو شاركت بعض الخبراء في مجال التسويق لحصلت على نتائج أفضل في بيع السكر والشاي وجميع المواد المطروحة في منافذ بيعها، ولكانت جنّبت المواطنين الشجار والأذى والانتظار الذي نحاول جميعنا نسيانه ..!