هل يساهم العقاب في تعديل سلوكيات الأبناء الخاطئة؟

التربية عملية مستمرة والتأهيل الاجتماعي أحد جوانبها، وفيه يعمل الراشدون على إكساب الطفل السلوك الاجتماعي المرغوب، والضبط الذاتي ليصبح راشداً مسؤولاً وفاعلاً في المجتمع، وعادة ما يقوم مقدمو الرعاية (الوالدان أو الأقارب ) بعملية التربية والتأهيل الاجتماعي، وهذه العملية ليس لها وقت محدد، إنما مستمرة، فكل سلوك وكلمة وحركة تصدر عن مقدمي الرعاية تشكل أنموذجاً يتقمصه الطفل، وهنا السؤال كيف تسهم أساليب التربية في ضبط سلوكيات الأبناء الخاطئة؟
د. فاديا فيصل بلة – كلية التربية تخصص علم نفس نمو – تتحدث عن أساليب التربية فتقول: يتخذ الوالدان أو من يقوم مقامهما أساليب مختلفة للتربية والتأهيل، بعضها تربوية حديثة تتناسب مع متطلبات العصر، ولها انعكاسات إيجابية على مجمل شخصية الفرد, والبعض الآخر يتخذ أساليب تربوية قديمة، قائمة على التعنيف والعقاب والكلام القاسي والتهديد، وقد أثبتت الدراسات والأبحاث انعكاساتها السلبية على شخصية الطفل بجوانبها الانفعالية – الاجتماعية – الأخلاقية – المعرفية، وما يتبعها من انخفاض في التحصيل الدراسي، ومشكلات سلوكية، وربما أمراض نفسية كالاكتئاب واضطرابات نفسية، كالقلق وإدمان الكحول والمخدرات وغيرها.
فقد يصدر عن الطفل، أو المراهق بعض السلوكيات غير المرغوبة، لكنها تكون عارضة مؤقتة، وقد تكون نتيجة المرحلة العمرية التي يمر بها، وتنتهي مع التفهم والقبول والتوجيه.
أما تعديل السلوك من وجهة نظر د. بلة: فهو شكل من أشكال العلاج، يهدف إلى تحقيق تغيرات في سلوك الفرد، تجعل حياته مع المحيطين به أكثر إيجابية وفاعلية، حيث يتعلم سلوكيات جديدة، ومهارات ويقلل من الاستجابات والعادات غير المرغوبة.
متى نلجأ لتعديل السلوك؟
هناك معايير معينة إذا توافرت نكون أمام سلوك غير مرغوب ويستوجب تعديله, وهذه المعايير حسب د. بلة تتحدد بأن السلوك الذي يصدره الطفل سلوك مزعج ليس فقط للأسرة، إنما أيضاً للآخرين والسلوك المزعج متكرر, ولا يتناسب مع عمره (لا يصدره أقرانه من العمر نفسه) .
أما كيف يمكن تعديل السلوك فتبين د. بلة: قد يلجأ البعض إلى أساليب تتسم بالعنف والعقاب البدني وغيره، ويمكن أن يعطي العقاب البدني نتائج سريعة، فيكفُّ الطفل عن السلوك غير المرغوب، لكنه توقف لحظي مع انعكاسات سلبية على المدى الطويل، ونؤكد كاختصاصيين نفسيين أنه لا يمكن تعديل السلوك بالعنف أو الضرب أو الانفعال والعصبية والصراخ والكلام القاسي، أو التمييز والمقارنة بين الأبناء أو الحبس والسخرية والاستهزاء، فكل ما ذكر له أضراره وانعكاساته السلبية كما أشرت مسبقاً، وأنوه إلى أن إجبار الطفل على أي سلوك نرغبه يمكن أن يؤدي به إلى العناد أو العدوانية أو التمرد والعنف، ويمكن أن يؤدي بطفل آخر إلى اضطرابات، كالتبول اللاإرادي أو نتف الشعر وقضم الأضافر والتلعثم والبكاء بشكل متكرر, والتوقف عن الأكل وغيرها من الاضطرابات.
وعن الأسلوب الصحيح لتعديل السلوك قالت: تعديل السلوك يمكن أن يكون من خلال فنيات متعددة نختار منها ما يناسب عمر الطفل ونوع السلوك المستهدف تغييره، من هذه الفنيات:
الإطفاء: أو ما يعرف بتجاهل السلوك غير المرغوب، خاصة إذا كان السلوك غير ضار بشكل مباشر، كأن يكون سلوكاً يهدف إلى الضغط على الأهل لتحقيق رغبة ما، فيقوم بالصراخ أو الغضب أو الإلحاح، وهذه الفنية لها نتائج جيدة إذا طبقت ضمن شروط معينة.
– التعزيز بشكليه الإيجابي والسلبي مع مراعاة ضوابط معينة في استخدامه.
– الإبعاد المؤقت للطفل لمكان في البيت يخلو من أي مدعمات اجتماعية أو نفسية لمدة 2- 5 دقائق حسب عمر الطفل (2 دقيقة لعمر سنتين) لإعطائه فرصة للتفكير في سلوكه ويفيد ذلك في إنهاء أي عراك أو شجار شديد بين الأطفال، وأيضاً لذلك ضوابط معينة ليكون أسلوباً فاعلاً.
– استخدام القصص أو اللعب، حيث يمكن تحفيزه على السلوك المطلوب بطريقة غير مباشرة أو لإطفاء سلوك حيث نبين له مخاطر السلوك غير المرغوب.
– تغيير المثير: فبعض السلوكيات السلبية تحدث بظروف بيئية معينة لذا نلجأ لتغيير وتعديل الظروف البيئية التي تحدث فيها.
– عقد اتفاق واضح مع الطفل على أساس قيامه بسلوكيات معينة، مقابل جوائز لتعزيز السلوك الإيجابي وتدريبه عليها.
– سد الذريعة: يتم إبعاد المثيرات التي تدفع الطفل إلى القيام بسلوكيات سلبية غير مقبولة، مثل امتناعه عن اللعب مع الجيران، أو الأصدقاء كثيري الشجار الذين يدفعونه للقيام بسلوكيات خاطئة وغيرها من الفنيات .
– الاستماع والإنصات له من قبل الوالدين، ولأفكاره ومخاوفه وفهم الصعوبات التي يواجهها، ومناقشته كأصدقاء وليس كسلطة والتحاور معه حول سلوكه.
– احترام رغباته بالقيام بما يرغب مع شرح المخاطر التي يمكن أن يواجهها.
-اكتشاف اهتماماته وتشجيعه على ممارستها، فيستثمر وقته بما هو مفيد, ومساعدته في حل مشكلاته.

– تشجيعه ومنحه الثقة والوقوف بجانبه في حال الفشل مع الحزم عند الخطأ .
– توجيهه ويفضل التوجيه غير المباشر والتعرف إلى أصدقائه.
وعدم التذكير بأخطاء الماضي، وعدم توجيه أوامر له حين نكون في حالة غضب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار