مصاعب بالجملة تعترض طريق إعادة الإعمار بشراً وحجراً، لكن رغم ذلك لم ينتظر السوريون حتى الخلاص من شبح الحرب الملعونة للبدء بإصلاح ما خربته أيدي الإرهابيين الآثمة، فمنذ سنوات انطلقت مسيرة التحضير لهذه المرحلة الهامة وأن ببطء اعتماداً على أيدٍ محلية بحتة بالتعاون مع بعض الدول الصديقة كنتيجة طبيعية لكتلة المال الكبيرة اللازمة لإعادة بناء القطاعات المدمرة وإرجاعها إلى سابق عهدها خلال وقت قصير، ما يمكنهم من النهوض بالاقتصاد المحلي ويساعد المواطن على التقاط أنفاسه وعيش أيام بيضاء تنسيه سنوات من السواد الحالك.
واليوم مع إنجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي يعدُّ نصراً جديداً كتبه السوريون بأنفسهم يأمل الانطلاق بخطوات متسارعة نحو مرحلة إعادة الإعمار وتذليل الصعوبات التي تفرمل عجلة تحركها بقوة، وهذا يتطلب اتخاذ إجراءات عملية تدفعها إلى دائرة التنفيذ الفعلي أقله عبر إيجاد بيئة تشريعية مناسبة تضمن سير عمليات البناء والتأهيل المأمول على سكتها الصحيحة وانعكاس منفعتها على المدى القصير والبعيد على المواطنين في المجالات كلها وأهمها تحسين الوضع المعيشي وإعمار الجيوب المتعبة التي تعد النقطة الأهم حالياً قبل التفكير بإعادة إعمار القطاعات المهدمة، المحتاج بناؤها من جديد إلى أيدٍ عاملة مؤهلة وخبيرة لن تعطي كل طاقاتها المرجوة إذ لم تكن هناك رواتب مجزية تؤمن لها حياة معيشية لائقة وخاصة عند الأخذ بالحسبان نقص الكوادر المختصة التي تستقطب من قبل دول مجاورة بتقديمها مغريات كثيرة لتهجيرها وحرمان البلاد من خيراتها، ما يستوجب بالدرجة الأولى إصلاح الرواتب والأجور في القطاع العام والخاص بما يتناسب مع الواقع المعيشي القائم مع تقديم محفزات تشجع أصحاب الكفاءات على ضخ خبراتها وكامل طاقاتها للمساهمة في مرحلة إعادة الإعمار وتحديداً جيل الشباب، العنصر الأهم في بناء البلد واقتصاده والنهوض بقطاعاته الحيوية، الأمر الذي يستلزم تقديم الرعاية والدعم المطلوب وتأمين فرص عمل بأجور مقبولة تؤمن لهم مستقبلاً مضموناً وتمنع تحت أي ظرف هجرتهم خارج البلاد، التي تحتاجهم أكثر من أي وقت مضى.
إعمار اقتصادنا وترميم قطاعاته المدمرة وتحديداً في مدينة حلب، التي خرّبت صناعتها ضمن خطة ممنهجة، لا يتحقق في ليلة وضحاها وخاصة في ظل ضعف الإمكانات المادية، وبالتالي لا بدّ من وضع خطة عمل محكمة مزودة بنية جادة وآليات فاعلة ومنتجة لجهة اليد العاملة والتجهيزات اللوجستية للإسراع بتنفيذ إعادة الإعمار وفق أحدث المواصفات والتقنيات بالتعاون مع الدول الصديقة بعيداَ عن أفعال الفاسدين وذمتهم الواسعة، بحيث لا يستحون من سرقة مال الفقراء والخزينة لغرض تعبئة جيوبهم الممتلئة أصلاً.
rihabalebrahim@yahoo.com