حب اقتصادي في المتوسط برائحة الغاز والدم ..!
ببساطة يقال في الأمثال الشعبية: ثلاثة يجب عدم إخفائها وهي «الحب والاعتراف والحقيقة»!، ولكن يبدو اقتصادياً أن ثلاثة لا يمكن إخفاؤها وهي «المصلحة والكذب والحرب»، والدليل أنه حالياً بدأت أغلبية دول العالم تظهر «محبتها» للبحر الأبيض المتوسط «بحر الشام – البحر الرومي – بحر المغرب – ميديترانيوس أي البحر المتوسط أي وسط الأرض – بحر المتاعب …إلخ » الذي تتكئ عليه أمنا سورية, وبدأ الصراع عليه، وهنا تذكرت قول أحد المحبين لحبيبته «أحبك حباً لو تحوّل إلى ماء لأغرق العالم بأسره»، فهل يغرق العالم مجدداً بتداعيات هذا الصراع، أم يتسع البحر لكل هذه الدول بمساحته البالغة /970/ ألف ميل مربع وتعادل /2512/ كم2 ، وتقع عليه /21/ دولة موزعة على قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ولكن في المقابل حب النفط والغاز له طعم آخر كما قال «جورج بنيامين كليمنصو» رئيس الحكومة الفرنسية لـمرتين خلال وبعد الحرب العالمية الأولى حيث قال: إن «كل قطرة نفط تعادل قطرة دم»، فهل سنشهد زيادة التوتر وتوازن الرعب, ولاسيما بعد أن قدرت الدراسات الاقتصادية أن البحر المتوسط يمتلك احتياطاً نفطياً يقدر بـ /107/ مليارات برميل تقريباً و /122/ تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وهذا ما دفع الكثير من الدول والشركات للبحث عن امتيازات التنقيب عن النفط والغاز فيه وتحديداً في شرقه، وبدأنا نتلمس معالم الصراع بين الدول للسيطرة على هذا البحر لأهميته الاقتصادية والجيو- سياسية، ومؤخراً أعلنت ست دول وهي:«قبرص- اليونان – إيطاليا- مصر – الأردن – فلسطين» مع الكيان الصهيوني عن تأسيس منتدى «غاز شرق المتوسط» ومقره في القاهرة, وسيهتم بتطوير إنتاج وتسويق الغاز والثروات الأخرى في المتوسط، وأن المنتدى دخل حيز النفاذ كمنظمة حكومية دولية وسترأس المنتدى جمهورية مصر حتى نهاية سنة /2021/ ، ومن ثم ستنتقل رئاسة المنتدى إلى (قبرص) من تاريخ 1/1/2022، ورئاسة المنتدى تكون بشكل سنوي لدولة أخرى حسب الترتيب الأبجدي لأسمائها، وسيتوسع مستقبلاً لأن باب الانتساب إليه متاح للجميع، وحالياً فرنسا قيد الانضمام وقبلت أمريكا كعضو مراقب، وهنا نسأل كيف سيكون موقف التركي والروسي والصيني والسوري واللبناني والخليجي والإيراني وغيرها؟!، ولكن خلال الأسبوع الماضي ومن خلال متابعتنا لهذا الملف وجدنا مؤخراً تحولاً في السياسة التركية (الميكا فيلية أي الغاية تبرر الوسيلة وضرورة اعتماد الازدواجية والخداع السياسي في السلوك العام) بخصوص مصر و”إسرائيل” ودول الاتحاد الأوروبي والسعودية والإمارات ، وخاصة تصريحات وزير خارجية النظام التركي بخصوص أعضاء المنتدى، فهل ستستخدم أمريكا هذا المنتدى لممارسة الضغوط على روسيا وإيران والصين وسورية ولبنان؟!، أم ستشكل هذه الدول تكتلاً يتناسب مع مصالحها الجيوسياسية على هذا البحر واستغلال ثرواته ودعم التوجه شرقاً، والعمل لضمان أمنه وهو نقطة التقاطع بين آسيا وإفريقيا وأوروبا، ويجاور منطقة تضم /47%/ من احتياطي النفط و /41%/ من احتياطي الغاز العالمي إضافة إلى أهميته في انسياب السلع والخدمات من استيراد وتصدير، أم ستزداد الصراعات مستقبلاً للسيطرة عليه وخاصة مع ظهور خلافات كثيرة بين دوله على ترسيم الحدود البحرية ، مثل الخلافات بين «تركيا مع قبرص واليونان ومصر» وخلافات «لبنان وفلسطين مع الكيان الصهيوني»، ولاسيما أن الاتحاد الأوروبي المتشاطئ مع البحر أعجز من أن يأخذ موقفاً إضافة لتبعيته لأمريكا التي تسعى لمحاصرة النفط والغاز الروسي والإيراني وتقليل اعتماد أوروبا على النفط الروسي والإيراني, واستمرار سرقة النفط السوري ومحاصرة الصين، فهل تترافق هذه التغيرات مع تحولات في المعادلات والمواقف الجيوسياسية ؟!، وهل تترسخ مفاهيم جديدة مثل تغير العلاقات بين الدول على مبدأ« حب وكره برائحة الغاز والدم» ؟!، وهل سنرى قريباً «والوقت لا يرحم » تكتلاً ينطلق من سورية ليضم دول محور المقاومة ومكافحة الإرهاب في وجه المنتدى الأمريكي الإسرائيلي، عندها سنترك بصمتنا على الساحة النفطية وسياسة الغاز العالمية لنا ولأصدقائنا وحلفائنا؟!. نأمل ذلك وبأقصى سرعة ممكنة ونمتلك كل الإمكانات لتحقيق ذلك.