ليست هي المرة الأولى التي تناشد فيها «حماية المستهلك» معشر التجار وأهل الصناعة بقليل من الرأفة والرحمة بمعيشة المواطن, وما يعانيه من صعوبة في تأمين القليل من حاجته اليومية, بل تكررت المناشدة مرات عدة سبقت الأخيرة من دون جدوى , والسبب معظم تجارنا فقدوا طعم الخجل, وحسهم الوطني, وتربيتهم الأخلاقية, وما يؤكد ذلك ما يحدث في السوق, يهرولون بارتفاع الأسعار والحجة ارتفاع «الأخضر الملعون» وبالانخفاض يختبئون بأجسادهم وأفعالهم كالسلحفاة, وكأن شيئاً لا يعنيهم..!؟
فعندما نقول: تجارنا لا يخجلون هذا صحيح, بدليل ما يحدث في الأسواق من تجاوزات تؤكد ذلك, ويحاولون اقتناص الفرص خدمة لجيوبهم ومنافعهم الشخصية التي لا تنتهي أبداً, والأخطر استغلال الأزمات للانقضاض على مصلحة الوطن والمواطن, من خلال عمليات الغش وسرقة الحاجات الأساسية للمواطنين, وذلك انطلاقاً من المواد الغذائية, مروراً بالدقيق التمويني ورغيف الخبز وغيرها من الحاجات الأساسية المرتبطة بمعيشة المواطن, من دون أن ننسى من يسهّل لهم ويوافق أعمالهم من أهل الخبرة والدراية في تفسير الإجراءات وإيجاد التبريرات في بعض المفاصل الحكومية وحتى الرقابية, والمساعدة في استمرار سلسلة السرقة, وابتكار أساليب جديدة تتوافق مع الأزمات المتلاحقة..!
والأخطر أنّ معظم التجار في حالة تأهب واستعداد لاستغلال الأزمات, والأكثر خطورة هم مشاركون في افتعالها, وحلولها متوافرة لديهم, بدليل أن أي مادة تعاني القلة في السوق بصورتها الطبيعية تجدها عندهم بكثرة وبأسعار خيالية, نذكر على سبيل المثال «السورية للتجارة» تأخرت قليلاً في توزيع السكر التمويني, فتجاوز سعره عند تجارنا سقف 2500 ليرة, وهذا مجرد مثال لحاجة أساسية يومية, فماذا يحدث للحاجات الأخرى كالزيوت والرز والبيض وغيرها من المواد التي نشتريها بأسعار مختلفة على مدار الساعة..!
فأي مناشدة أو استجداء تنفع مع هؤلاء يا «حماية المستهلك», وأي حكمة من الاجتماع معهم, «الأخضر الملعون» عاود الانخفاض, والتجار ولّعوا الأسعار وهانت نفوس, وضاقت حاجات المواطنين..!؟
يا حماية مستهلكنا, يقول المثل «من يجرب المجرب يكون عقله مخرب», اجتمعتم معهم كثيراً ومرات عدة, ونحن كتبنا عنها الكثير, لكن الأسعار في جنون, وما نحتاجه سياسة جديدة لا تستجدي أحداً سوى رحمة الله بهذا المواطن.. وكل الوسائل موجودة بيد حماية المستهلك إن صدقت ..!