إنترنت وفضائيات ومالتيميديا وموبايل..إلا أن قواسم مشتركة عديدة تجمع مابين الحاضر والأمس الغائب لعقود وأعوام، ولاسيما إذا ما انقطعت الكهرباء ساعات طوالاً, واشتدّ الصقيع في الدار, واجتمع الأهل حول مصدر الطاقة والإنارة الأطول عمراً في البيت.. حينها، لابدّ أنّ الحديث الأكثر تداولاً حول «صوبية» المازوت أو الغاز سيكون بضع طرائف ونكات مصحوبة بقليل مشاحنات تترحم على طاقة احتمال بطارية “الراوتر” التي لو كانت قيد نبض ما تواصل الإخوة مع بعضهم بعضاً حد التقارب والتلاسن المحبب المفضي لاشتباك مؤقت, وفيما بعد صلح وأحضان, هي حالات سمر موروثة عادت بفضل يومياتنا المأزومة, وأفرزت طاولة حوار مستديرة تحت عنوان (اسألله..!), أو (بتتذكروا..!), ولأن جعبة خواطرنا ما عادت قادرة على استيعاب قص ولصق لحكايا الوجع واستحضار الذكريات, استسهلت وكان انتقاء المثال لطاولة حوار افتراضية – حدوتة – بينما العبرة بين سطورها تقول: كان الابن الأصغر لبيت أبو حسان يسرق من والده سجائر “التتن”، بانتظام عادة وحاجة مراهق يماثل أقرانه، رائحة السجائر في الحمام وفقدان الأب لبعض السجائر جعلاه يفكر بالفاعل, فاتهم الابن الأكبر الذي نال نصيبه من الشتائم والتوبيخ المصحوب بكف على الرقبة وبصاق، بعد إنكار الابن للجريمة وحلفانه بحق الأولياء الصالحين أنه لايسرق ولايدخن أي نوع من الدخان .. وحتى يؤكد الأب جريمة الابن الأكبر نصب له كميناً وتظاهر بالنوم العميق وأذناه محمرتان ومشرئبتان بانتظار إلقاء القبض على المسبب لأول همس بالقرب من باكيت الدخان، لكن حظ الابن المراهق كان أكبر من حيلته حتى مع وقوعه في الفخ، فعناد الأب جعله يصرّ على اتهام الابن الأكبر بأنه هو من أرسل الصغير ليسرق الدخان.
لذلك .. ومن أجل تحصيل العبرة لا يوجد أفضل من استثمار مسلسل السنافر بمقولة: «الغابة مازالت هناك, فإذا أنصتّم (!) ربما سمعتم صوت شرشبيل واذا نظرتم جيداً لربما لمحتم السنافر».