العولمة والليبرالية ودمية (الباربي) و(قسد) ؟!

يعدّ مصطلح ( العولمة Globalization) من أكثر المصطلحات المستخدمة حالياً في الأدبيات الاقتصادية والسياسية وحتى الاجتماعية، ويتركز مفهومها الاقتصادي في التعبير عن زيادة التكامل الاقتصادي (Economic Integration) العالمي بين الشعوب من خلال انفتاح الأسواق بعضها على بعض, وانسياب السلع والخدمات والرساميل واليد العاملة وغيرها بين هذه الأسواق، وتالياً تتيح الفرصة نظرياً لاستفادة الدول من خبرات بعضها بعضاً من خلال توافر مرتكزات التطور الاقتصادي, وزيادة قيمة الناتج المحلي الإجمالي من زيادة مستوى التنافسية وترسيخ التنافسية وتخفيض الرسوم و التعرفة الجمركية، ولكن هذا يتطلب تعميق العلاقات بين الشعوب, وإزالة كل أشكال الإرهاب الاقتصادي الأمريكي وغيره والعمل على مبدأ (رابح – رابح)، وهذا سيؤدي إلى زيادة التجارة الخارجية المتضمنة (الصادرات والمستوردات), وتالياً زيادة حصة أو نسبة التجارة الخارجية من مجمل الناتج المحلي الإجمالي، ولكن الليبرالية الحديثة المتوحشة حوّلت العولمة إلى سلاح لتعميق التفاوت الاقتصادي بين دول العالم، وتحقيق ربح البعض على حساب الآخرين، وتسخير عنصر العمل لسلطة رأس المال، أي تطبيق (الباربية) في الاقتصاد، وأقصد بـ(الباربية) نهج وآلية تسويق لعبة أو دمية (الباربي) وهي دمية مخصصة للأطفال، وتتوزع مراحل إنتاج دمية (الباربي) بين عدة دول، ومراحل إنتاجها وتسويقها تتم كما يلي: تقوم كل من (تايوان واليابان) بإنتاج البلاستيك والشعر، أما أمريكا فإنها تنتج هيكل الدمية وأصبغة الزينة، وتقدم (الصين وإندونيسيا وماليزيا) كلاً من اليد العاملة لانخفاض الأجور فيها وأيضاً القطن اللازم للباس الدمية و تجميع المستلزمات وتصنيعها، وبعد ذلك تقوم بعض الشركات الأميركية بتسويقها، وهنا وفي هذا المثال البسيط يتبين لنا كيف حوّلت الإمبريالية الأمريكية كل شيء، وفي مقدمتها العولمة لمصلحتها، وفي هذا الصدد يؤكد عالم الاقتصاد الأمريكي (سامو يلسون) في كتابه علم الاقتصاد الصفحة (32) أن سعر هذه الدمية بلغ (10) دولارات، توزعت على مصادر الإنتاج كما يلي: أقل من دولار وتحديداً (0,35) دولار مقابل العمالة الصينية ، /0,65/ دولار للمواد الآتية من الخارج ، /1/ دولار لمصاريف النقل ، /8/ دولارات للتسويق أي لشركة (ما تتلMatte) الأمريكية لتغطية نفقات النقل الزهيدة والبقية أرباح لها, أي إن الليبرالية الأمريكية المتوحشة استحوذت على نسبة /80%/ من سعر هذه الدمية، فإذا كان هذا على مستوى هذه الدمية.. فالسؤال هنا كم تستحوذ الليبرالية الأمريكية من أرباح المنتجات المعقدة وخاصة الأسلحة والعقاقير والطائرات والمنظومات المالية وغيرها ، لكن بعد التطور الاقتصادي الكبير في الصين التي بدأت تنتج (باربي صينية) وغيرها من السلع الأخرى وأصبحت الصين المعمل الشعبي للعالم، لجأت الليبرالية الأمريكية إلى خلق بؤر توتر صينية وتوجيه التهم للصين بمخالفة حقوق الإنسان ودعم الإرهاب والديكتاتورية وغيرهما، وأوجدت بؤر توتر صينية لوقف التقدم الاقتصادي الصيني وخاصة في إقليم (لإيغور)، وفي سورية تتكرر الحالة نفسها بخلق بؤر توتر سورية ولكن ليس بـ(الباربي), وإنما بالإرهاب و سرقة النفط السوري والقمح والآثار والثروة الحيوانية والقطن والزيتون وغيرها من السلع والمواد الخام وخاصة من قبل ميليشيا (قسد) و(داعش) اللذين يقومان ببيع السلع إلى اللصوص المحتلين الأتراك وبأبخس الأسعار، وهؤلاء يبيعونها للصوص الغربيين وخاصة للأمريكيين الذين يحققون أرباحاً كبيرة وعلى حساب الشعب السوري وموارده، وهكذا تستثمر أمريكا بليبراليتها المتوحشة في ظروف السلم والحرب ؟!، فهل تتحول (قسد) إلى لعبة الباربي ؟!. وتحقق أمريكا كل مصالحها عن طريقها ثم ترميها على قارعة الطريق عند أول انعطافة دولية ؟!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار