الأغاني خير جليس ..!
بينما رب الأسرة “المنتوف” مقطوع من الغاز منذ أكثر من شهر وكله حيرة كيف يتدبر أمر أسرته مع الطهو لوقت استلام أسطوانته الذي يفترض أنه قد حان.. صدحت نغمة الرسائل بجواله ففتحها متلهفاً علّها تحقق المراد.. لكن المحتوى جاء صادماً وهو يقول: ثبت أغنية “أكبر أناني” فثارت ثائرته ولم يهدأ حتى التهم حبة حساسية مشبعة بالمنوم.
الأمل لم ينقطع وتجدد في اليوم التالي بقدوم رسالة ولا بأس لو كانت لمخصصات السكر والأرز التي لم يستلمها عن الشهرين الماضيين، وبالفعل عند المساء انطلقت النغمة المعهودة فتوقع صاحبنا أن هذه المرة صائبة.. وسارع كعادته بفتح الرسالة وإذا بها منغصة أكثر من الأولى حيث طلبت منه تثبيت أغنية “طبيعي أعاني وأجن” فجن جنونه فعلاً.
بعد أيام استعاد أخونا حيويته وخاصةً بعد علمه من الجيران ببدء ورود الرسائل المفيدة وتهيأ للخبر المفرح.. وإذا بالنغمة تصدح عالياً فلم يتوانَ عن قراءتها.. لكن الخيبة كانت له بالمرصاد كالعادة حيث قالت له: ثبت أغنية “كذبة ورا كذبة”.. وهنا أخذ يتفكر بها ملياً فوجد أنها توصف فعلاً ما يحدث معه.. ولإعجابه بها ثبتها كنغمة دائمة لخدمات جواله..
ومن يومها اعتزل هذا “المعثّر” الرسائل وكلف زوجته بالمهمة لقناعته أنها لن تتذمر من هكذا رسائل ويستهويها تثبيت الأغاني، وبالفعل بدأت الزوجة المصون تترصد ولا تفوتها حتى رسائل العروض والمسابقات.. ومن شدة إدمانها على الأغاني نسيت “الطبخ والنفخ” ولم يعد يؤرقها عدم توفر مستلزماته.. وثبتت على الموبايل أغنية “يا أنا يا لاء محدش تاني” كنغمة تظهر لزوجها كلما اتصل بها.
ما حدث مع ذلك “المنتوف” وزوجته.. لا يقف عند شح المواد المقننة فتأمين ربطة الخبز أصبح مضنياً وفي الركب معظم أساسيات العيش التي باتت عصية المنال في ظل الغلاء الفاحش.. لكن ومن باب أننا محكومون بالأمل دائماً اسمحوا لنا أن نثبت من الرسائل الخلبية المنهمرة على جوالاتنا أغنية “القصة كلا” التي جاء في كلماتها “مشوار الألف ميل ديماً بيبدأ بخطوة.. قبل ما تقتدي بإنسان كون انت قدوة”.. وأنتم أحبتنا لا تتذمروا من مثل تلك الرسائل وثبتوا من أغانيها ما يبعث التفاؤل بغدٍ أفضل.. فخير جليس في الملمات أغانٍ.