لبن العصفور ..!

“شبيك لبيك .. مختلف السلع المهربة بين أيديك .. حتى لو كانت لبن العصفور”.. كلمات صادمة قد تكون “مستهجنة” للكثيرين لكنها للأسف تجسد واقعاً معاشاً يدفع ثمنه المنتج المحلي بسبب تمرير المهربين بضائعهم إلى الأسواق وفرض قوانينهم على “عينك يا تاجر” من دون قدرة على ضبط مخالفاتهم الجسيمة بحق الاقتصاد المحلي جراء ضياع مليارات الليرات على الخزينة نتيجة تسريبها إلى جيوب المهربين.
حملات عديدة أطلقت لمكافحة السلع المهربة أو مجهولة المصدر كما يتعارف على تسميتها، كانت ثقيلة العيار إعلامياً لكن في حساب الأفعال كانت “فاشوش” بدليل استمرار ضخ السلع المهربة بلا خوف من العقاب رغم ارتكاب تجاوزات كبيرة ينتفع منها اقتصاد الدول المجاورة وتحديداً تركيا العدو، ويقابل هذا التهريب “المؤذي” آخر معاكس لا يقل خطورة يتمثل بتهريب المواد المدعومة كالطحين والمازوت، إذ تدفع الدولة أموالاً طائلة لتأمينهما استيراداً، وهذا ينطوي على خلل كبير يستفيد منه الفاسدون لتهريب هذه السلع الضرورية لتحقيق أرباح كبيرة، وعموماً في كلا الحالتين يجب اتخاذ إجراءات رادعة عبر رفع سقف العقوبات إلى السجن وغرامات تتجاوز المليون ليرة بغية تخويف المتلاعبين بالأمن الاقتصادي، فإذا لم تكن هناك يدٌّ من حديد تضرب بشدة مع محاسبة علانية للمخالفين ليكونوا عبرة لغيرهم فسيستمر بلاء التهريب وباتجاهين في وضح النهار.
القضاء على داء المهربات والامتناع عن بيع السلع المهربة ورفض المواطن شراءها لا تحققه حملات جمركية أو تموينية، فوصفة العلاج الجذري تتمثل بدعم المنتج المحلي وحمايته من السلع المهربة والمستوردة المماثلة وتقديم كل التسهيلات المطلوبة للنهوض بالصناعة المحلية وتحديداً في مدينة حلب، فالمواطن سيعرض عن شراء المهربات عند وجود منتج محلي منافس في الجودة والسعر وخاصة عند تقوية قدرته الشرائية بتصحيح حال راتبه، عندها لن يجد المهربون سوقاً لمنتجاتهم المشكوك في سلامتها وتحديداً الغذائية، وهذا يتطلب “نصرة” عاجلة من أقلامكم الخضراء بعيداً عن طبخات الاجتماعات والترحيل الإعلامي، فالوضع الاقتصادي والمعيشي لم يعد يحتمل التأجيل، فتجار الحروب والمهربون يمتلكون خبرات في اقتناص نتائجه لقطف أموال جديدة لا تحتاجها جيوبهم المتخمة.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار