طرطوس عطشى
نتغنّى في طرطوس بأنها أولى المحافظات في معدل الهطل المطري، فيها الكثير الكثير من الينابيع، ويصب في بحرها نهر السن وغيره من الأنهار، كل هذه المياه العذبة تصب في البحر، دون الاستفادة منها .
عشرات الشكاوى تصلنا حول الواقع السيئ لمياه الشرب والعطش المزمن، وخاصة في ريف المحافظة، في ظل ارتفاع كبير لدرجات الحرارة، والحاجة الماسة لمياه الشرب ومياه الري، وبالتالي بات الحصول على صهريج مياه عبئاً كبيراً على سكان الأرياف، والذي وصل سعره إلى 400 ألف ليرة لعشرين برميلاً.
وباتت شكوى (القرى العطشى) لريف القدموس الشمالي التي تزورها المياه كل ثلاثة أشهر مرة واحدة، لازمة ترافق السكان والعاملين في الحقل الإعلامي منذ بداية الصيف، وحتى بداية موسم الأمطار، مع وعود خلبية بانفراجات قريبة.
ولا تقتصر الشكاوى على ريف المحافظة الجبلي، وإنما تنسحب على قرى سهل عكار التي تعاني العطش أيضاً، وهو عطش يهدد البشر والشجر، فأشجار الحمضيات التي تشكل مورداً أساسياً للعيش لأكثر من 50 ألف أسرة مهددة بالموت من قلة المياه.
وفي كل صيف تطالعنا الجهات المعنية بعد التواصل معها، بحلول قريبة لحل أزمة العطش في ريف المحافظة، وأن الفرج قريب، ولكن مع نهاية الصيف تذهب وعودهم أدراج الرياح، لتعود مجدداً مع بداية صيف جديد.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف لطرطوس أن تعاني العطش و”الماء فوق ظهرها محمول”؟
عشرات السنين والمعاناة تتجدد. فهل عجز المعنيون عن حل هذه المشكلة؟ وهل غياب الكهرباء والديزل هما السبب الحقيقي لهذا التراجع المخيف في واقع مياه الشرب بالمحافظة؟ ولماذا لم تعمل الوزارات المعنية: وزارة الإسكان ووزارة الكهرباء والإدارة المحلية مجتمعة على حل تلك المشكلة بتركيب طاقة شمسية على جميع مشاريع مياه الشرب بالمحافظة، ما يوفر الطاقة الكهربائية والديزل، ويحد من مظاهر الفساد أينما وجدت، وتصل مياه الشرب لجميع المشتركين؟.
هل هذه الإجراءات صعبة، ومستحيلة الحل؟
على ما أعتقد لا يوجد شيء صعب عندما تتوفر الإرادة الحقيقية الصادقة.
نأمل أن تكون مسألة مياه الشرب والحفاظ على ثروتنا المائية الضائعة في سلّم الأولويات، وينعم مواطن محافظة طرطوس وجميع المحافظات بانفراجات مائية كبيرة خلال هذا الصيف.