أصغي إلى أصواتهم
الحكاية موجعة، فليس من السهل أن تتجاوز محنة فقدان البصر أو السمع أو أي إعاقة جسدية أو ذهنية.. ثم لا تجد مدرسة تقبل بك وتخشى على صغار كانت مصيبتهم في إعاقة، فصارت الرؤية حولهم ظلالاً سوداء أو انعدمت فغاب الضوء من صباحاتهم.. لكن الحياة تنبض في القلب ولدى كل روح أسرارها في قبول التحدي والمضي نحو المستقبل وزرع الضوء لمن يرى والأمل لمن لا يرى.
اليوم مع تنفيذ أولى الخطوات المرتبطة بالخطة الوطنية للإعاقة بإصدار قانون حقوق الأشـخاص ذوي الإعاقة- في سياق تطوير البيئة التشريعية للقطاع- الذي يعزز اعتبارهم جزءاً لا يتجزأ من المُجتمع لهم حقوق وعليهم واجبات كبقية أفراده، نطمح أن يضمن قيام مختلف الجهات، ولا سيما المجتمع الأهلي، بإيلائهم الاهتمام والدعم للوصول إلى بيئة مُناسبة ومجتمع دامج لهم.
وثمة قلوب طيبة تشعر بأحزان الآخرين، ولا تتخطاها، بل تفكر وتعمل كيف تخفف من الحزن، وكيف تمسح لوعة الألم، فكانت بعض المبادرات الجميلة والأفكار الخلاقة للمجتمع الأهلي في سورية والتي رسمت الفرح على الشفاه، وبدأت ببث الأمل للقلوب على مبدأ لتكون البصيرة بدلاً من البصر.
المبادرات اختارت الإنسان من ذوي الإعاقة إيماناً بقدرته وعلمه ومَلَكَته، وتعتمد في مضمونها على تدريبهم وتشغيلهم ضمن إطار مساعدة هذه الفئة وتمكينها لبناء الحياة والمساهمة في تعزيز الجمال والإبداع عبر ترميم إعاقتهم بحواس تفيض بالأمل والجمال.
الكثير من الأشخاص من ذوي الإعاقة ترددت أسماؤهم على الألسن.. تركوا بصمات واضحة في مسيرة الفكر والحضارة.. حفظهم التاريخ وخلّد إنجازاتهم.. فقدوا حواسهم لكنهم كانوا أقوياء.. أثبتوا بكلّ حبّ تمسكّهم بالحياة.. فامتلكوا ملَكتهم الخاصة، وكانوا أنموذجاً للاستمرار ودليلاً على أن الإعاقة لا تشكل حاجزا فعلياً أمام العقل والفكر والإبداع.