خطاب الدجل والاستعراض
تشرين- د.محمد رقية:
ألقى أمس المجرم بنيامين نتنياهو خطاباً أمام الكونغرس الأمريكي وهو الخطاب الرابع له أمام الكونغرس، الأمر الذي لم يحظ به مسؤول أجنبي في العالم، فقد كان خطابه الأول عام ١٩٩٦ والثاني عام ٢٠١١ والثالث عام ٢٠١٥ وهذا الخطاب الأخير.
لقد قاطع هذا الخطاب حوالي نصف النواب الديمقراطيين وبعضهم وصفه بمجرم الحرب الكذاب، وحاصره في الخارج أكثر من مئة ألف متظاهر ضده من كل فئات الشعب الأمريكي بمن فيهم اليهود يهتفون لفلسطين وغزة ويطالبون باعتقاله كمجرم حرب.
لقد استمر خطابه ساعة كاملة وتميز بأنه خطاب استعراضي مليء بالأكاذيب فهو لم يقل جملة واحدة صادقة.
١- قوطع بالتصفيق الحاد ٥٣ مرة خلال ساعة واندهشت من تصرف هؤلاء الأعضاء وهذا لم يحدث في تاريخ برلمانات أمريكا كلها وهو أمر غير طبيعي وغير لائق بدولة تدعي أنها تقود العالم وهذا يؤكد أنه هو المسيطر الفعلي في أمريكا ومن ورائه الحكومة العميقة وهذا أمر يحتاج لمقال تفصيلي آخر.
٢- استعرض عدد من الجنود والضباط جلبهم معه ليشيد ببطولاتهم الوهمية الكاذبة وقال عن أحدهم بأنه مشي ٨ أميال حتى وصل لغلاف غزة وقتل «الإرهابيين » الكذب ببلاش والمصدقون كثر.
٣- وادعى أن الحرب بين الهمجية والحضارة وبين محبي الموت ومقدسي الحياة وبين الخير والشر… «هل رأيتم أكذب من هذا المجرم؟ فهو أكبر همجي وقاتل في التاريخ».
٤- – وادعى أيضاً أن المحتجين على الحرب في غزة «أغبياء تستفيد منهم إيران»، معتبرا أن طهران تموّل التظاهرات، «بالله عليكم هل يوجد صفاقة أكثر من ذلك» فهناك أكثر من ألف مظاهرة شهرياً في مختلف مدن العالم بما فيها ٦٥ جامعة أمريكية تطالب بوقف الحرب وإبادة الشعب الفلسطيني ومحاكمته كمجرم حرب.
٥- وحول الجنائية الدولية قال المجرم نتنياهو: «تحاول المحكمة الجنائية الدولية تقييد أيدي (إسرائيل) ومنعنا من الدفاع عن أنفسنا، وإذا كانت أيدي (إسرائيل) مقيدة، فإن أمريكا هي التالية». وقال إن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تعرضنا للخطر «قدرة جميع الديمقراطيات على مكافحة الإرهاب»، وهنا لاحظوا الوقاحة، علماً أن القرار الاستشاري للمحكمة الدولية جاء بناء على طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تمثل كل دول العالم .
٦- وصف هذا المجرم الاتهامات بأن (إسرائيل) متورطة في إبادة جماعية ضد ألفلسطينيين في غزة بأنها «افتراءات شنيعة» وقال بأنه لم يتم قتل أي مدني في رفح.
هذا الكذاب المنافق ارتكب جيشه أكثر من ثلاثة آلاف مجزرة بحق المدنيين شملت أكثر من ٤٠ ألف ضحية و٩٠ ألف مصاب معظمهم من الأطفال والنساء واستشهد بنيران جنوده أكثر من ٤٥٠ فلسطينياً في الضفة الغربية وعشرة آلاف معتقل فيها بعد طوفان الأقصى.
٧- وفي كذب فاضح وصف اتهام المحكمة الجنائية الدولية بأن «إسرائيل» تقوم بتجويع الفلسطينين في غزة، بـ«الهراء التام».
وفي تفنيد ذلك قالت الأمم المتحدة، بأن 96% من سكان غزة حالياً مصابون بجوع حقيقي أدى إلى موت الكثير من الأطفال، وقال هذا المجرم: إن (إسرائيل) مكنت أكثر من 40 ألف شاحنة مساعدات من دخول غزة»، وهو أمر كذبته الأمم المتحدة أيضاً، ولم يكتف بذلك بل اتهم حماس بسرقة الطعام، بدلاً من منع كيانه من دخول هذه المساعادات.
٨- وفي أحدث كذبة قال هذا المجرم ، أن «الجيش الإسرائيلي» يضم جميع أطياف المجتمع، وهو أكثر بلد عنصري في العالم حالياً ليس بسبب التمييز بين العرب والصهاينة فقط الذين يعتبرون في الدرجة الخامسة من سلم المواطنة، بل بين الصهاينة أنفسهم من غريبين وشرقيين ويهود عرب ويهود أفارقة أو يهود من دول أخرى وكمثال نشير إلى أن ٩٩ بالمئة من الطيارين هم صهاينة غربيين.
٩- والشيء الأهم بالنسبة له هو المساعدات العسكرية وقال: «إن المساعدات العسكرية الأمريكية السريعة يمكن أن تعجل بشكل كبير بإنهاء الحرب في غزة وقارن نفسه مع رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل عندما طلب المساعدة خلال الحرب العالمية الثانية عندما قال- «امنحونا الأدوات، وسننهي المهمة».
وفي تركيزه الكاذب على إيران والربط مع الولايات المتحدة: قال إن أعداء «إسرائيل» هم أيضاً أعداء الولايات المتحدة، مشدداً على أنه «عندما نقاتل إيران، نقاتل العدو الأكثر تطرفاً وإجراماً للولايات المتحدة».
وأضاف: «نحن لا نحمي أنفسنا فقط، نحن نحميكم.. أعداؤنا هم أعداؤكم، معركتنا هي معركتكم، وانتصارنا سيكون انتصاركم».
قال كل هذا الهراء لكسب المزيد من الدعم الأمريكي لحربه المجنونة والإجرامية على قطاع غزة ليتمكن من إبادة ما تبقى من الشعب الفلسطيني في القطاع والضفة.
ملاحظات عابرة
يمكن ختاماً الإشارة إلى بعض الملاحظات الإضافية على هذا الخطاب الأرعن:
– إن الاستقبال الذي لقيه نتنياهو في الكونغرس الأمريكي، بجناحيه الديمقراطي والجمهوري يؤكد مرةً أخرى زيف المشروع الأمريكي للسلام المسمى حل الدولتين كما يؤكد أن الرهان على هذا المشروع، أو السير ورائه سيقود الشعب الفلسطيني إلى الهاوية ويقضي على مستقبله في الحياة الكريمة على أرضه وبناء دولته المستقلة
– إن الترحيب الذي قوبل به نتنياهو في الكونغرس الأمريكي، شكل مذبحة بحق القانون الدولي ومحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمنظمة الدولية للأمم المتحدة، كلها نحرت على منصة الكونغرس ما يؤكد مرةً أخرى عداء أمريكا الشديد للسلام في منطقتنا الضامن لحرية شعوبنا في تقرير مصيرها واستثمار ثرواتها وبناء مستقبلها.
– لم يشر المجرم نتنياهو في خطابه إلى حل وإلى أي خطوة تساهم في وقف حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني وتحويل القطاع الى أرض غير قابلة للحياة، بل طالب حماس والفصائل الفلسطينية بالاستسلام وإعادة الأسرى.
– حاول نتنياهو تقديم نفسه كقائد يلتحم معه شعبه، لكنه في الحقيقة ترك خلفه مجتمعاً تنهشه الانقسامات بين مختلف شرائحه وبين العسكريين والسياسيين ومظاهرات لا تنقطع ضده تطالب بوقف الحرب وإعادة الأسرى أو الاستقالة.
– قالت الرئيسة السابقة لمجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إن خطاب نتنياهو أسوأ عرض قدمته شخصية أجنبية حظيت بشرف مخاطبة الكونغرس.
وأشارت بيلوسي إلى أن عائلات «الرهائن» تطالب بصفقة لوقف إطلاق النار وإعادة أبنائها.