شبابنا المهاجر

أعداد كبيرة من كفاءاتنا العلمية من مختلف الاختصاصات في بلدان الغربة هاجرت خلال الحرب، وهذه الكفاءات تعدّ من أكبر الخسائر البشرية ، والموجع أكثر استمرار استنزاف ثرواتنا العلمية وخسارة كفاءاتنا وشبابنا بالتزامن مع استمرارية الظروف الراهنة والناتجة عن حرب طاحنة حصدت أحلامهم قبل أرواحهم ، كاستمرار تبعات الارتفاع الفاحش للأسعار، والسبب الأهم تراجع سوق العمل خاصة لشريحة الشباب بالتوازي مع تراجع الأمل و حتى مع أدنى بصيص أمل بتأمين حياة كريمة وفي حال وجود هذا البصيص فإنه يحتاج لأجيال وأجيال.
من المؤكد أن كل تلك الأسباب دفعت بالنخبة من شبابنا إلى الهجرة أو السفر المؤقت أو حتى التعاقد هناك لفترة من الزمن ، والغالبية منهم لن تعود مع الإغراءات الكبيرة التي تقدمها تلك الدول لتثبيتهم لديها، لكن بالمقابل تتحمل الجهات المعنية مسؤولية كبيرة من جهة تأمين متطلبات الوضع المعيشي وضبط الارتفاع الفلكي لأسعار أقل تفاصيل حياتنا ، وانعدام فرص العمل، بل حتى انعدام السبل بتأمين الحدّ الأدنى من المعيشة ، والنتيجة المزيد والمزيد من التدفق لخيرة شبابنا ولكفاءاتنا العلمية والفنية التي أنفقت الدولة عليهم مبالغ طائلة، لتأتي الفرصة وتتلقفهم الدول الأخرى وتستثمرهم لمصالحها.. إذاً هذه العوامل مجتمعة انعكست سلباً على الإنتاج والأداء وعلى اقتصاد البلد ككل .
لكن في المقابل الأمر الذي يبعث على التفاؤل، أن بلادنا ما زالت تزخر بالكوادر العلمية والكفاءات المتميزة بكل الاختصاصات، فقط ما نحتاجه سياسة جاذبة ومدروسة تستقطب تلك الشريحة التي تعدّ ثروة مهمة في تحديد ملامح أي بلد ، وذلك من خلال توفير فرص عمل تليق بهم ومنحهم المزيد والمزيد من التحفيز لتثبيتهم في بلدهم , بموازاة ذلك التأكيد على الاهتمام بالفئات المهمشة من الشباب حتى لا تنجرف إلى مستنقعات التطرف والجريمة أو أن تكون الغربة وصقيعها ضالتهم المنشودة .

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار