لو (الملعونة)!

سأل أحد الصناعيين الكبار في حلب صناعياً آخر عن سبب سعادته الطارئة بعد أزمات متواصلة أثرت في إنتاجية معمله، ظاناً أن حاله المتغير سببه صدور قرار يدعم الصناعة في مدينته، لكن المضحك المبكي أن الجواب كان صاعقاً: لقد (عبيت سيارتي بنزين)، وهنا تحضر (لو) الملعونة بشدة، فماذا كان (يضر) المعنيين لو اُتخذت قرارات تنشل عاصمة البلاد الاقتصادية من واقعها الكارثي، وماذا (لو) كانت فرحة هذا الصناعي وأقرانه ناجمة عن تحريك عجلة الإنتاج بدل تدوير عجلة سياراتهم بتعبئة بضعة ليترات من البنزين.
تشاؤم صناعيي حلب، الذي لم يكن وارداً في حساباتهم في أشد أوقات الحرب قسوةً بعد إصرارهم على تشغيل معاملهم رغم الحرب والحصار، لكن صمّ الآذان وإهمال المقترحات المنقذة بقيا مسيطرين على نهج الحكومة السابقة من دون ظهور أي بوادر تغيير للحكومة الحالية وسط تساؤل مشروع عن أسباب تجاهل واقع مدينة حلب التي تبدو الأكثر تضرراً وركوداً، وهذا يبدو واضحاً من خلال استمرار مطالبة صناعييها بتأمين متطلبات الإنتاج الأساسية كالكهرباء والمحروقات, بينما يفترض ضخ إمكانات كبيرة لدفع عجلة الانتاج باتجاه تأمين احتياجات السوق المحلية بأسعار معقولة وتصدير الفائض لكسر شوكة الدولار وداء المهربات والمستوردات على نحو يقوي المنتج المحلي ويدعم جيب المواطن باتجاه عودة الصناعة إلى عزها.
انقطاع أنفاس صناعيي حلب من جراء صراخهم المستمر بلا جدوى واقعٌ يتوجب تبديله في أسرع وقت ليس كرمى عيون أهل حلب الذين تحمّلوا مصاعب تهدّ الجبال وإنما لأجل جميع السوريين وإنقاذ الاقتصاد المحلي، الذي تعد حلب رئته، فلمَ التأخير في توجيه الدعم المطلوب نحو العاصمة الاقتصادية، التي تقدم لهم على طبق من فضة وصفة الإنقاذ السحرية من تركة أشقائهم السابقين (الثقيلة) في تطبيق فعلي لسياسة دعم الإنتاج الزراعي والصناعي وليس مجرد كلام في الهواء يجعل صناعة حلب في دائرة الخطر؟ مع أن ناقوسها دق مراراً من دون استجابة تمنع الوقوع في دوامة أزمات متتالية ما كانت لتحصل لو سمع صناع القرار مطالب إنقاذ حلب وصناعتها.
rihabalebrahim@yahoo.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار