اتهامات مُصنعة
لا يكاد يمر يوم إلا وفيه اتهامات وتصريحات عدائية للصين من رموز الإدارة الأمريكية وعلى رأسهم دونالد ترامب، كان آخرها تصريحه المثير والمستفز للمواطن الأمريكي عامة ولأنصار الحزب الديمقراطي خاصة، حين قال: “يجب على الشعب الأمريكي تعلم اللغة الصينية في حال فوز منافسه الديمقراطي جون بايدن في الانتخابات الأمريكية الرئاسية في تشرين الثاني المقبل”.
وأضاف ترامب: “لأن الصين سوف تستولي على الولايات المتحدة عبر شن حرب سيبرانية لا مثيل لها على أمريكا، وصدها أو التخفيف من تأثيراتها أمر مستحيل، وتهدف لاختراق ذاتيات وبيانات الناخبين لصالح صديقهم بايدن لأن الصين تفضل رئيساً ضعيفاً لأمريكا من شاكلة بايدن، لوضع يدها في المستقبل على مراكز القرار في الولايات المتحدة، لخلق حالة من الفوضى وانعدام الثقة في أمريكا أكبر ديمقراطيات العالم” على حد زعمه، مدعياً زوراً وبهتاناً ولغايات انتخابية أن بكين قد تمكنت في السابق من الوصول إلى معلومات عن 145 مليون شخص من خلال اختراق وكالة (إكويفاكس) الائتمانية وأيضاً تم اختراق مواقع التواصل الاجتماعي في حملة انتخابات 2016، وهذا كلام باطل يراد به باطل ولرغبة ترامب إصابة عصفورين بحجر واحد ألا وهي الصين التي تشعر الإدارات الأمريكية أن بكين باتت خطراً تكنولوجياً وتجارياً وصناعياً وأخلاقياً، ويريد من وضع كل من الصين وبايدن بخانة واحدة، خانة العدو، لتهويج الشارع الأمريكي ضد الصين ومنع أعطاء أصوات لبايدن .
لا شك أن هذه الاتهامات لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فقد أشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في أكثر من مناسبة ومن أكثر من منبر إلى تردي العلاقات بين بلاده وبكين كسرقة الملكية الفكرية وأحقيتها في السيطرة على كامل بحر الصين الجنوبي، والتنافس في مجال شبكات الجيل الخامس والغزوات المعادية على صعيدي الفضاء السيبراني والتجارة، والاتهامات الجمركية وحملة الإجراءات القاسية في هونغ كونغ، وغيرها وهذا طبع الإدارات الأمريكية المتعاقبة التي لا تستطيع أن تعيش من دون وجود عدو وإذا تعذر في الحقيقة يصنع وإذا تعذر فيكون افتراضياً وأمريكا تجيد ذلك وخير مثال على ما كانت تدعيه بحق الاتحاد السوفييتي ثم كوبا ثم إيران واليوم الصين.
وهذا سوف يتصاعد كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها أواخر العام الجاري، ولكن هذا لن يجدي نفعاً لأن الصين تحلق بثقة والمواطن الأمريكي يعي ذلك ولديه الخبرة للتفريق بين تصريحات سياسييهم الواقعية والمبالغ بها لدواعٍ انتخابية بل حتى الكاذبة منها.