يفهم السوريون الدستور, أنه هو الجامع للمكونات الاجتماعية, ومطلق التفاعل الحي بينها، وضامن للوحدة الوطنية, وحافظ للوطن كبيئة إبداع حضاري, و ارتقاء مستدام, ومحصن للسيادة الوطنية أرضاً وشعباً ومؤسسات, ومدافعاً عن استقلال الوطن و كرامة المواطن.
كما يؤمن السوريون أن الدستور هو ما ينظم ويضبط آليات العمل السياسي و الاقتصادي والاجتماعي. باختصار، يعتقد السوريون أن الدستور يحفظ الوطن والشعب, ويشكل الناظم لحياتهم السياسية والاستقلالية والإبداعية والإنتاجية.
لذلك ومنذ بدء تنظيم المجتمع السوري في بداية التاريخ. والسوريون يبدعون دستورهم ويدافعون عنه. لأنه الضامن للوطن والشعب وللتفاعل الحي مع السيادة و الاستقلال والإنتاج والإبداع..
اليوم، و بعد الانتصار على الإرهاب, وفشل مخطط التقسيم, وسقوط مساعي استهداف الروح السورية كشعب ووطن وحضارة. فإن السوريين يعتقدون أكثر وأكثر بأهمية الدستور في تنظيم حياتهم و الدفاع عن وطنهم.
وهذه القناعة الوطنية الحضارية للسوريين حول أهمية الدستور لا تعميهم عن الملاحظات حول بعض مواده، ولا تشغلهم عن ضرورة الارتقاء به تماشياً مع الارتقاء الوطني الحضاري الشامل لهذا الشعب وهذا الوطن..
وبمناسبة انعقاد لجنة مناقشة الدستور الحالي في جنيف، فإن السوريين يأملون أن يفهم المجتمعون هناك أن الدستور هو وثيقة اتفاق على بناء الوطن, تنسق تعاون المكونات الاجتماعية, وتنظم العلاقات والأفعال السياسية للقوى الوطنية، كما أنها اتفاق على كيفية إدارة الخلافات, ضمن إطار تحقيق المصلحة الوطنية. إنه اتفاق جميع القوى السياسية, على ممارسة السياسة توافقاً أو اختلافاً, وفق الأساليب السياسية, التي تحترم ميزان القوى, ولا تخدم إلا المصلحة الوطنية العليا, وتضمن ارتقاء قوة وطاقة وإبداعية الشعب و الوطن..
يأمل السوريون, أن يغلّب الجميع, وخاصة المعارضة, المصلحة الوطنية, والابتعاد عن أي أجندات خارجية.
كما يتطلع السوريون دائماً إلى تخلي الجميع عن سعيهم وطمعهم بالسلطة, وعن أحقاد البعض الانتقامية، والانخراط في مناقشة الدستور كفرصة لإنهاء الأزمة, والتوجه إلى المصالحة الوطنية الجامعة, والعودة إلى وطن الإبداع و الإنتاج و العدل.. فهل تكون هذه الجولة من نقاشات الدستور, ملبية لآمال و تطلعات السوريين. بعودة الجميع إلى الدستور, لتوحيد الجهود، للارتقاء به وبالحياة السياسية بجميع جوانبها بما فيها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية, وبما يحفظ سيادة واستقلالية الشعب والوطن..
الدستور جامع ومنظم ومنسق وموحد للشعب في تمسكه باستقلاليته وسيادته، أما من يريده سلاحاً وحرباً وسعياً للحصول على كرسي الحكم وتقسيم الوطن, و الاستتباع للأجنبي, فإن السوريين واعون جداً لمن يعمل من أجلهم ومن يعمل ضدهم. وما فشل الإرهاب في تحقيقه, لن يستطيع أي خداع سياسي تحقيقه, حتى لو لبس لبوس الدستور والدستورية.. كما أن السوريين يدركون جيداً الفرق بين من يأتي إلى اجتماعات مناقشة الدستور حاملاً المصلحة الوطنية, ومن يأتي متسلحاً بما يسمى “قانون قيصر” وأمثاله وأصحابه..!