تحضيري

يدخل بيتي مرتبكاً، ويراوح على عتبَته يريد أن يخلع حذاءه، وأنا من دعوتُه ليسعفني في تصنيع إضاءةٍ تبدّد الظّلام الطّارئ على بيوتنا وشوارعنا بعد الحرب الإجراميّة علينا، حتى ما عدنا نستخدم كلمة مصباح في الإضاءة الطارئة بأشرطة منقّطة، لها اسمٌ طارئ هي الأخرى: «لِدّ » ويقول إنّ ملابسه معشّقة بالغبار من ورشة عمله ولا يريد أن يفسد نظافة المكان!
أقول له مطمئِنةً إنني لستُ من مهووسات لمعان البلاط وإشراق القماش الذي نُجِّد من أجل جلوسنا وراحتنا! وإذ يبطئ في عمله يعتذر بلطف أن مرض السكّر أثّر في بصره، وحين أضع فنجانَ القهوة أمامه يقول إنّ حياته مليئة بالمرّ والمرارة ففي بداية الحرب فقَدَ بيته حَرْقاً، ثم فقَدَ سيّارته العموميّة في تفجير إرهابيّ، وحين زاول مهنة تمديد الكهرباء كان المرض قد استبدّ به وزاد عددُ أولاده!
– كم ولداً لديك؟- واحدٌ في المرحلة الإعداديّة، وواحدة في الابتدائيّة، وصغيرة دون سنّ المدرسة! مؤكَّدٌ خبرُ إعلان وزارة التَّربية افتتاحَ صفوفٍ تحضيريّة رسميّة للأطفال؟ إن صحّ هذا فإنني من أسعد الآباء لأنه سيرفع عني عبءَ أقساط ابنتي في مدرسة خاصّة!
وعلى الأمل الذي غيّر صوتَه وأحياه، سردْتُ له حكاية جارتي، الجدّة، التي دارت بها أحداثٌ مأسويّة تمخّضَت عن رعايتها ثلاثة أحفاد، ورغم مرضها المديد الذي لا شفاء له، لم يصعب عليها إطعامهم وتوفير بعض الدّفاتر والأقلام لهم لكن أضناها أن تجدَ روضةً لا تكسر ظهر ميزانيَّتِها المتواضعة، ولَكَم طربتُ لشكواها التي كانت تأخذني إلى مكان آخر، هو تقديسُها العلم وحدسُها أنّه المنقذ لهؤلاء الأطفال المظلومين من أقدارهم، وأُعجبْتُ بمشهدٍ هي سيّدتُه ووراءها الأحفاد، تزور بيتاً فيه طالبة جامعيّة ترجوها أن تعطي وقتاً لتعليمهم الأبجديّة، وتدعو جارة صبيّة على قهوة، تستثمر مودّتها في عمليّات حسابيّة بسيطة تطرحها على الصّغار، وكانت هي من أخبرتني بقرار وزارة التّربية بوجه مشرق، وأسارير منبسطة:
– لمن نقدّم الشُّكر على هذا القرار الذي رفع عنّا همّاً كان أصعبَ من المرض؟ كنت أحياناً أتمنّى لو يعود الكتّاب فأسلّمهم لشيخ يجلس مع الأولاد، يتعلّمون الإصغاء والمشاركة والحفظ ثم أتذكّر أنّ هذا كان في الماضي وبقي في المسلسلات التّاريخيّة، وأنّني سمعتُ بالرَّوضة وتمنّيتها لأحفادي لكنهم حُرموا منها لأسبابٍ غير الأسباب التي حرمتني من المدرسة والتعليم!
قرارٌ له أهلٌ، كانت أزاهيرُهم عطشى وسُقَيَت!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
وعود بتحقيق نتائج مشرفة لبعثتنا الرياضية في أولمبياد باريس مدرب سيدات تلدرة: لهذه الأسباب قررنا الانسحاب من دوري كرة الطائرة الأمراض المعدية في غزة أكثر فتكاً من القنابل ..خبراء الأمم المتحدة والطوارئ يقومون بإجراء تحقيق وبائي وتقييم للمخاطر وزير الإعلام: شاشة التلفزيون العربي السوري لاتزال أنموذجاً إعلامياً يحترم عقل المشاهد ويعلي قيمه مجلس الشعب في ذكرى ميسلون .. سورية استطاعت تحقيق انتصارات عظيمة في وجه الحروب والحصارات المتعددة الأشكال سورية تدين اتهام الاحتلال لـ«أونروا» بالإرهاب وتؤكد أنه يأتي ضمن محاولاته لإنهاء دورها وافق على تأمين 5 آلاف طن من بذار البطاطا.. مجلس الوزراء يعتمد الإطار الوطني الناظم لتبسيط إجراءات الخدمات العامة 1092طالباً بالثانوية العامة استفادوا من طلبات الاعتراض على نتائجهم قيمتها ١٥٠ مليون ليرة.. أين ذهبت مولدة كهرباء بلدة «كفربهم».. ولماذا وضعت طي الكتمان رغم تحويل ملفها إلى الرقابة الداخلية؟ الديمقراطيون الأميركيون يسابقون الزمن لتجنب الفوضى.. الطريق لايزال وعراً وهاريس أفضل الحلول المُرّة.. كل السيناريوهات واردة ودعم «إسرائيل» الثابت الوحيد