وحشيّة الاستعباد

«أحداث في حياة أَمَة» رواية تسجيلية، كتبتها الأمريكية ذات الأصل الأفريقي ليندا برانت في مجريات القرن التاسع عشر وهي تروي فيها فصولاً من حياة الاستعباد المريع الذي عاشته«عبدة» في إحدى الولايات الجنوبية التي خاضت حرباً ضروساً ضدّ الولايات الشمالية خلال «الحرب الأهلية الأمريكية»، وكان من الأسباب الجوهرية لتلك الحرب تمسّك السادة البيض بقانون العبوديّة الذي كان ضروريّاً من وجهة نظرهم لازدهار مزارع القطن والتبغ. لا تقدّم الرواية معلومات غير معروفة للقارئ المتابع، غير أنّ حرارة السرد الخالي من الافتعال تضع القارئ في أجواء تلك المرحلة المخزية من تاريخ البشرية، لا من تاريخ الولايات المتحدّة, فقط.
كان المستعبَدون يعاملون أدنى بكثير ممّا يُعامل به الحيوان؛ وكان من تقاليد البيض أن يخصّصوا قاعات معروفة لعمليّات الجلد الذي يستمر يوميّاً, بوتيرة منتظمة, من مطلع الضوء إلى خاتمة النهار، وأن يخلّف الجلد دوماً بركاً من الدماء؛ وكان من التقاليد الحميدة في نظر أولئك القوم أن يقوم السيّد الأبيض بالاعتداء على إمائه، بوصفه عمليّة استثمار ماليّ، فالإماء بمنزلة المفرخة التي تنتج عبيداً يجري استعبادهم أو بيعهم لتجّار الرقيق الذين كانوا يكدّسون أرباحاً فاحشّة من تلك التجارة الرائجة؛ وكان يمارس ما يمارسه بوصف ذلك حقّاً من حقوقه التي منحه إيّاها القانون الأمريكي.
جرت انتفاضات عديدة مسلّحة بطبيعة ذلك الظلم المريع، لكنها كانت جميعها تنتهي بقمع يُقصد منه ضمان عدم تكراره, والسبيل الوحيد لضمان عدم التكرار كان ماثلاً في المزيد من القمع الوحشي الذي كان سبيله الأكثر شيوعاً تسليط ما سمّوه «كلاب الدم» المدرّبة جيّداً على تمزيق البشر وتجريد لحومهم عن عظامهم، وأكلها أمام أبنائهم وأمهاتهم وبقية الأقرباء.
المشكلة أن لا أحد أحسن من أحد في هذا المنحى المتوحّش الفظيع؛ فقد جرى ذلك على أيدي الدواعش؛ و لا يزال يحدث في بلدان مختلفة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار