لم يعد مجدياً في ظل ضربات متواصلة على “خد” المواطن وإن تعود على “اللطم” انتقاد بلا جدوى لموجات الغلاء المتتالية وما يرافقها من انحدار مدوٍ لقيمة “الروتيب”، إذ لم يرافقه قرار حكومي حاسم يضمن تخفيض الأسعار ورفع أسهم الأجور، التي بات رفعها حاجة ملحة، بالتوازي مع عقوبات مشددة تصل إلى الحبس وحجز الأموال للتجار المتلاعبين بدل لقاءات “تبويس الشوارب” والمبادرات الخلبية.
إنقاذ الاقتصاد المحلي من نكبته، التي زاد “طينها بلة” سوء إدارة موارده المادية والبشرية، يتطلب استدراك هذا الخطأ الكارثي، ونقطة البداية من اختيار شخصيات “قائدة” من أصحاب الكفاءات والأيدي البيضاء، وما أكثرها، لإدارة الملف الاقتصادي واستثمار إمكانات البلاد وقطاعاتها الإنتاجية الغنية وتحديداً قطاعي الزراعة والصناعة، فمثلاً يتوجب بقرار جدي إعادة دعم الفلاح وتشجيعه للعودة إلى زراعة أرضه في المحاصيل الاستراتيجية بعد دفعه إلى الابتعاد عنها كرمى بعض التجار كالشوندر السكري، الذي جرى تدمير زراعته بهدف استيراد مادة السكر لمصلحة تاجر بعينه، فلو كان هذا المحصول بخير لما وصل سعر هذه المادة إلى سعرها الخيالي، ولا حاجة لذكر ما آل إليه محصولا القطن والقمح، مع أنهما يعدان الأساس لتحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والكساء، لذا جلّ ما نحتاجه اليوم الإسراع بتوجيه بوصلة الاهتمام الحكومي إلى هذه المحاصيل الاستراتيجية وكف بلاء المستوردات لنعود منتجين قادرين على كسر سطوة الدولار على معيشة الفقراء.
هدر موارد البلاد وتطفيش كوادرها المبدعة المستمر على رؤوس الأشهاد لا يفترض مروره مرور الكرام، إذ يتوجب فتح هذا الملف ومحاسبة المسؤولين السابقين والقائمين على رأس أعمالهم ممن ساهمت إدارتهم بتفاقم الوضع الاقتصادي والتأخير بأخذ تدابير وقف النزيف المعيشي، وتشكيل فريق اقتصادي قوي بوجوه جديدة وليس تبديل طرابيش فقط، يقود مساراً تصحيحياً في ظل الإخفاق الحكومي بتحقيق أي تغيير يلمسه المواطن ويسحب البساط من تحت حيتان السوق الساعين بضوء أخضر من بعض المتنفذين الفاسدين على إبقاء الأسواق على “كف عفريت” بلا أي محاسبة رادعة، فكما يقال “يا فرعون”….فلمَ التهاون في بتر يد سارقي المال العام وحماية موارد البلاد ولقمة عيش المواطن والانتقال إلى بر الأمان المعيشي بخبرات محلية تحتاج إعطاءها فرصة فقط؟.
rihabalebrahim@yahoo.com